بما كنتم تعملون) * (1)، فإن سنخ اطلاع هؤلاء على الأعمال وشهادتهم لها لدنية من الله تعالى، كما إن مقتضى ما يعطيه لفظ " الوسط " بقول مطلق هو الوسطية في الصفات والفضائل لا الإفراط ولا التفريط، فهم النقباء..
كما إن الآية السابقة - للآية الثانية المذكورة من سورة آل عمران - وهي قوله تعالى: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) * (2)، فهذه الأمة الداعية إلى الخير، والآمرة بالمعروف، والناهية عن المنكر، على صعيد الحكم والإمامة هي جزء من مجموع المسلمين، لا كل المجموع..
كما إن لفظة * (أخرجت للناس) * تعطي مفهوم خروجها من الأصلاب، وفيه إشارة إلى دعوة إبراهيم (عليه السلام) حين قال: * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) * (3) وذلك بعد ما حكى الله عنه ما قاله في قوله تعالى: * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) * (4)..
وكما قال تعالى: * (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) * (5) أي جعل التوحيد والعصمة من الشرك كلمة باقية في عقب إبراهيم من نسل إسماعيل، فكان تقلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأصلاب