الآيات - نبأ عظيم وإفصاح خطير، هو أن من كان في ركب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة بدر وأثناء القتال كانوا على ثلاث فئات: فئة مؤمنة ثابتة، وفئة منافقة، وفئة الذين في قلوبهم مرض - وهي الفئة التي أشارت إلى وجودها سورة المدثر المكية، رابع سورة نزلت في أوائل البعثة، في صفوف المسلمين - وكان من الفئتين الأخيرتين - لما رأتا حشد مشركي قريش وبطرهم وخيلاءهم في غزوة بدر - أن قالتا عن الفئة الأولى بأنها مغرورة بسبب دينهم وهو دين الإسلام، فلم ينسبوا أنفسهم إلى الدين الإسلامي، وإنما جعلوا أنفسهم - بذلك - على دين المشركين!
والإفصاح هذا في هذه السورة عن معسكر جيش المسلمين الذي كان مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه منقسم إلى ثلاث فئات، يبطل كل الروايات التي يرويها العامة حول قدسية البدريين، وأن الله قد غفر لهم وإن عملوا ما عملوا - فضلا عن كون ذلك مناقض للآيات والسور العديدة المشترطة للوفاء حتى حلول الأجل والثبات على الإيمان والعمل الصالح -.
كما أنه يبطل مقولة إن كل بدري أو أحدي فهو مؤمن وممدوح ومرضي حاله عند الله تعالى.
وفي الآيتين اللاحقتين المتصلتين بالآيات التي أوردناها، يقول تبارك وتعالى: * (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق * ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد) * (1) وهو تهديد ووعيد لهم بالعقوبة المبتدأ بها عند الموت.