هي العليا والله عزيز حكيم) * (1).
الأمر الثاني: إن قوله تعالى في سورة الفتح: * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) * (2) ترى فيه أن الحكم لم يخصص بإسناد المبايعة إلى خصوص المؤمنين، بل إلى عموم الذين بايعوا، أي الذين كانوا معه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحينئذ اشترط عليهم الوفاء بالبيعة وعدم النكث، وفي الآية إشعار بوجود كلا الفئتين، ومن ثم عرف بين الصحابة اصطلاح " بدل " و " نكث " في الطعن الذي يوجهونه على بعض منهم.
ومنه يظهر أن الرضا - حتى الذي أسند إلى المؤمنين منهم خاصة - مشروط بالوفاء بما عاهدوا الله عليه، وأن الرضا هو لأجل تسليمهم ومبايعتهم لا مطلقا، و * (إذ) * من قبيل التعليل.
الأمر الثالث: وهو متفق مع سابقيه، وهو أن قوله تعالى في آخر السورة: * (محمد رسول والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم... وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) * (3) يصف الذين معه بالشدة على الكفار والرحمة فيما بينهم، وقد أنبأتنا سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسورة الأحزاب وسورة التوبة وغيرها من السور - كما تقدمت الإشارة إلى بعضها - إلى وجود فئات من المنافقين والذين في قلوبهم مرض مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا جاء الخوف تدور أعينهم