في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا * لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا * ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما * من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا * ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما) * (1).
نقلنا الآيات بطولها من سورة الأحزاب ليبين الجو الذي تصوره الآيات لنا في واقعة الخندق، كما أن هذه السورة تبين أيضا أن من شرائط الصدق: الثبات عند الزحف، والشجاعة في الحروب، وعدم الفرار، إلا أن المنافقين والذين في قلوبهم مرض إذا ذهب الخوف سلقوا المؤمنين بألسنة حداد، فالحدة ليست في شجاعتهم وبطولتهم في النزال والشدائد، بل في لسانهم في وقت السلم، يبتذلون الفظاظة والغظاظة حتى مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويتقدمون بما يرتأونه على الله ورسوله: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم * يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) * (2)..
فمن الغريب بعد ذلك أن يرووا في فضائل بعض الصحابة اعتراضه على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في أربع موارد لفقوها، وأن القرآن نزل بخلاف قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاقا لرأي ذلك الصحابي، وفي بعض الروايات أنه أمسك