رابع سورة أنزلت في بداية البعثة، وكشفت عن وجود هذه الفئة في صفوف المسلمين الأوائل، وهذه السورة تنبئ عن غرض هذه الفئة من إسلامها منذ البدء، وهو تولي الأمور، وعرضت بتوليهم للأمور ومقدرات الحكم، وإفسادهم في الأرض، وسيرتهم على غير سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسننه، وتقطيعهم للرحم التي أمروا بوصلها، وأن إسلامهم في بدء الدعوة - كما في سورة المدثر - هو لذلك الغرض، لما اشتهر من الأنباء من الكهنة واليهود عن ظفر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعرب والبلدان، كما أشارت إليه الآية عن اليهود قبل الإسلام بقوله تعالى: * (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) * (1).
كما إن سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تكشف عن وجود ارتباط بين هذه الفئة * (الذين في قلوبهم مرض) * وبين الكفار الذين كرهوا ما نزل الله، وإنهم يعدونهم بطاعتهم في بعض الأمر والشؤون الخطيرة، ويحسبون أن الله ليس بكاشفهم، فالسورة تكشف عن فئة منافقة أخفت نفاقها فغدت محترفة في الاختفاء.. * (لو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول) * (2)، في مقابل الفئة المؤمنة أهل الصدق.. كما تكشف عن فئة مرتدة في الباطن عن الإسلام..
والحاصل: إن سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما تشير إلى شرائط عنوان الصدق، فإنها تشير - كذلك - إلى تقسيم من كان مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن صحبه، لا التسوية بينهم وجعلهم في كفة واحدة، فهل إن من يقسم