مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٨ - الصفحة ٥٣
والحاصل: إن تحرير العامة لمسألة عدالة الصحابة، ومسألة حرمة الخوض في الفتن التي جرت بينهم، ومسألة الإمامة وما يرتبط بها من مسائل أخرى، يجدها الباحث الناظر مضطربة الوجوه، مترددة بين الإمامة كعهد من الله ورسوله إلى رجل لا يزل ولا يخطأ، وبين كونه مجتهدا كبقية المجتهدين، أو أن حجية قوله وفعله كراو من رواة الأخبار، وأن إقامة البحث عن مسألة عدالة الصحابة ليست كما يفيده عنوان البحث، بل هو حول فئة خاصة من الصحابة هم الذين عقدوا البيعة لأبي بكر، وأن البحث إنما هو لضرب سياج وحواجز دون التنقيب والبحث عن أحوال وصفات وممارسات تلك الفئة، وأن ما عقدوه من مباحث ومسائل الإمامة هو الآخر في هذا الاتجاه!
ومما يشهد بتدافع تحرير المسائل عندهم، هو أنهم يستدلون على الإمامة بأدلة مفادها لزوم عصمة الإمام، مع أنهم يجيرونها للإمامة العقدية بالبيعة السياسية، ومثال ذلك الحديث النبوي: " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية "، فإن مفاد الحديث وجوب معرفة الإمام في كل زمان، وواضح أنه واجب اعتقادي كوجوب معرفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والإذعان برسالته.
ويزيد ذلك وضوحا أنه جعل فاقد تلك المعرفة ميتته ميتة كفر، وفي الحديث كناية ولطيفة، وهو أنه جعل كفره عند موته كفر من لم يدخل الإسلام، لا كفر من دخل الإسلام وارتد عنه.
ومن البين في بداهة الشرع والعقل أن من تجعل معرفته بهذا الشأن - الإمامة - لا يمكن أن يكون من يزل ويخطل، أو يجهل ويضل، بل لا بد أن يكون مقامه في الدين يتلو مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، معصوما مطهرا أذهب الله
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست