مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٤ - الصفحة ٣٦٦
فشيئا، ويبلغ كل منهما في الزعامة مبلغا لم يكن يحدث له في البال، وأن يسكنا معا بلدة أصفهان، ويتزعما بها في وقت واحد، ولم تكن الرئاسة لتكدر صفو ذلك الود الخالص، أو تؤثر مثقال ذرة، فكلما زادت سطوة أحدهما زاد اتصالا ورغبة بصاحبه، وقد بلغت زعامة المترجم مبلغا عظيما، فكان يقيم الحدود الشرعية ويجريها بيده أو يد من يأمره بلا خشية ولا خوف، وقد أحصى بعضهم عدد المجرمين الذي لاقوا حتفهم على يديه طبقا للآداب الشرعية... " (1).
عبادته وخشوعه:
قال الشيخ عباس القمي نقلا عن كتاب تكملة أمل الآمل: " حجة الإسلام السيد محمد باقر كان عالما ربانيا روحانيا ممن عرف حلال آل محمد (صلى الله عليه وآله) وحرامهم وسيد أحكامهم، وخالف هواه، واتبع أمر مولاه، كان دائم المراقبة لربه، لا يشغله شئ عن الحضور والمراقبة " (2).
وقال: " حدثني والدي (رحمه الله) أن آماق عين السيد كانت مجروحة من كثرة بكائه في تهجده.
وحدثني بعض خواصه، قال: خرجت معه إلى بعض قراه فبتنا في الطريق، فقال لي: ألا تنام؟! فأخذت مضجعي فظن أني نمت، فقام يصلي، فوالله إني رأيت فرائصه وأعضاءه ترتعد بحيث كان يكرر الكلمة مرارا من شدة حركة فكيه وأعضائه حتى ينطق بها صحيحة.
وحدثني بعض الأجلة الثقات، قال: كان من شدة حضور قلبه بين

(١) الكرام البررة ٢ / ١٩٤ من القسم الأول.
(٢) الفوائد الرضوية: 429.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست