أول كل سورة عن أبي أمامة في فضل تلك السورة وكأمثال ذلك، ولهذا يقولون: هو كحاطب ليل، وهكذا الواحدي تلميذه، وأمثالهما من المفسرين ينقلون الصحيح والضعيف، ولهذا لما كان البغوي عالما بالحديث، أعلم به من الثعلبي والواحدي، وكان تفسيره مختصر تفسير الثعلبي، لم يذكر في تفسيره شيئا من الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي، ولا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبي، مع أن الثعلبي فيه خير ودين، لكنه لا خبرة له بالصحيح والسقيم من الأحاديث، ولا يميز بين السنة والبدعة من الأقوال.
وأما أهل العلم الكبار، أهل التفسير، مثل تفسير محمد بن جرير الطبري، وبقي بن مخلد، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وأمثالهم، فلم يذكروا بها مثل هذه الموضوعات، دع من هو أعلم منهم، مثل تفسير أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ولا تذكر مثل هذه عن ابن حميد، ولا عبد الرزاق - مع أن عبد الرزاق كان يميل إلى التشيع، ويروي كثيرا من فضائل علي، وإن كانت ضعيفة، لكنه أجل قدرا من أن يروي مثل هذا الكذب الظاهر -.
وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أن لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الواحد من جنس الثعلبي، والنقاش، والواحدي، وأمثال هؤلاء المفسرين، لكثرة ما يرويه من الحديث، ويكون ضعيفا، بل موضوعا.
وإنما المقصود هنا بيان افتراء هذا المصنف وكثرة جهله حيث قال:
قد أجمعوا أنها نزلت في علي، فيا ليت شعري من نقل هذا الإجماع من أهل العلم العالمين بالإجماع في مثل هذه الأمور؟! فإن نقل الإجماع في مثل هذا لا يقبل من غير أهل العلم بالمنقولات وما فيها من إجماع