الشيعية في قم والري، لما كانت تمتاز به من الولاء والانقياد لمذهب أهل البيت (عليهم السلام).
أما أهم ملامح مدرسة قم وأبرز خصائصها التي امتازت بها عن أقرانها فيمكن الإشارة إلى جانبين منها:
الجانب الأول: تدوين الحديث وتبويبه وتجميعه وتنظيمه، وقد تجلى ذلك في موسوعة الشيخ الصدوق (ت 381 ه) الحديثية الشهيرة من لا يحضره الفقيه.
الجانب الثاني: فاعلية ونشاط حركة الرسائل الفقهية الجوابية حينذاك، فكانت الأسئلة ترد على الفقهاء فيكتبون أجوبتها على هيئة رسائل فقهية، وهذا ما كان له أعمق الأثر في تطوير البحث الفقهي وإنمائه، بالرغم من محدودية هذه الرسائل من حيث عرضها لما صح من الروايات والأحاديث فقط.
إن هذا المختصر الذي استعرضناه عن قم ومدرستها الفقهية ما هو إلا زاوية صغيرة توخينا منها بيان مصداقية من مصاديق الحقيقة الكلية التي احتضنها التاريخ بكل قطع وثبات، حقيقة أن قم ومدرستها كانت محورا أثرى الجبهة الفقهية الشيعية بأفضل مؤن التطور والازدهار على يد أجل الفقهاء والعلماء الكبار.
وبالتأمل الدقيق في ما أوردناه آنفا يظهر أن ما ذهب إليه السيد المرتضى (ت 406 ه) - من وصف القميين باستثناء الصدوق بالمجبرة والمشبهة، وأن يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان كانا يقولان بالقياس ويعملان به - ما كان إلا لمجرد التباس الأمر عليه - إن صح التعبير - وليس عنادا منه عليهم.