ولا ريب أن الدين الإسلامي قد عني عناية بالغة بتقويم الشخصية الإسلامية وصيانتها ليمنحها الحياة الحرة الكريمة، والمثل العليا، والسعادة في الدارين.
ولهذا فقد حفظ لنا التاريخ حقيقة أن أخلاق المسلمين هي المفتاح الذي استطاعوا به فتح مغاليق قلوب الجاهلية العمياء، لتستقبل النور الإلهي المنبعث من شعاب مكة المكرمة.
والآن، وبعد مضي أربعة عشر قرنا من الزمن، حري بنا ونحن تتجاذبنا التيارات المختلفة المتباينة من هنا وهناك - لتبعدنا عن رسالتنا الخالدة، وتحط من أخلاقنا وقيمنا ومبادئنا - أن نرمي بها إلى الوراء البعيد بكل ما أوتينا من علم وصبر وشجاعة، لنحافظ على النشء الإسلامي، وأن نعمل كما عمل المسلمون في صدر الإسلام عندما حملوا لواء الرسالة متخلقين بالأخلاق النبيلة السامية، التي تزودوا بها من القرآن الكريم، حتى جعلوا تلك الأمم التي انضوت في ظل الدولة الإسلامية تنظر نظرة إجلال وإكبار ومحبة وتقدير إلى الإسلام والمسلمين.
وفي هذا السبيل سار خريجو مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، من علماء أعلام، وجهابذة عظام، يحثون الأمة للمضي في طريق الصلاح والهدى، ويحذرونها موجبات الردى.
وعلامتنا الكراجكي واحد من أولئك الذين ساروا على نهج أهل البيت (عليهم السلام)، وكتابه التعريف بوجوب حق الوالدين هو وميض نور كله هدى وضياء، سطره بحميد فعله، وبليغ كلامه، استعرض فيه وجوب بر الوالدين، وحرمة عقوقهما، وما أوصى به ولده بالحفاظ على هذه الواجبات، وعدم تركها، مستندا إلى الآيات القرآنية الكريمة، وروايات