مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٦ - الصفحة ٤٤٠
نفس القبر، فإن بناء القبة وجدرانها بعيدة عن القبر، ليس بناء على القبر على الحقيقة، وإنما هو نوع من المجاز، وحمل اللفظ على الحقيقة حيث لا صارف عنها معين، مع أن النهي عن الوطئ يؤكد هذا المعنى، لا الذي فهموه من الرواية.
وأما الاستدلال على وجوب هدم القباب بحديث أبي الهياج، فغير تام في نفسه - مع قطع النظر عن مخالفته للاجماع والسيرة - لوجوه:
* الأول: إن الحديث مضطرب المتن والسند.
فتارة يذكر عن أبي الهياج أنه قال: (قال لي علي) كما في رواية أحمد عن عبد الرحمن.
وتارة يذكر عن أبي وائل، أن عليا قال لأبي الهياج.
ورواه عبد الله بن أحمد في (مسند علي) هكذا: (لأبعثنك فيما بعثني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أسوي كل قبر، وأن أطمس كل صنم) (107).
فالاضطراب المزبور يسقطه عن الحجية والاعتبار.
* الثاني: إنه من الواضح أن المأمور به في الرواية لم يكن هدم جميع قبور العالم، بل الحديث وارد في بعث خاص وواقع مخصوصة، فلعل البعث قد كان إلى قبور المشركين لطمس آثار الجاهلية، كما يؤيده ذكر الصنم، أو إلى غيرها مما لا نعرف وجه مصلحتها، فكيف يتمسك بمثل هذه الرواية لقبور الأنبياء والأولياء؟!
قال بعض علماء الشيعة من المعاصرين:

(107) مسند أحمد 1 / 89 و 111.
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست