الخلفاء المروانيين والعباسيين، بسبب ابتعاد هؤلاء الخلفاء بدرجة وأخرى عما ينبغي أن يتحلى به إمام الدين من علم وفقاهة وتقوى والتزام.
وهذه مسألة هامة توضح لنا كثيرا من المسائل الغامضة في حياة الشخصيات الموالية لأهل البيت ولاء عاطفيا وفكريا من أبناء السنة والجماعة... ومنهم الشهرستاني.
كتاب (الملل والنحل) متحامل على الشيعة والفرق الشيعية بشكل واضح، لكن الشهرستاني حين يتحدث عن الإمام الصادق - عليه السلام - يتبين من حديثه الأمران المذكوران: أولا - ولاؤه العاطفي والفكري للصادق، وثانيا - الانفصال بين الإمامتين الدينية والسياسية.
يقول: (وهو [الإمام الصادق] ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات. وقد أقام بالمدينة مدة، يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرض للإمامة قط [المقصود طبعا الإمامة السياسية] ولا نازع أحدا في الخلافة قط، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط...) (5).
ومن الطبيعي أن تكبر في نظر الشهرستاني - وهو الحكيم العالم - مكانة الإمامة العلمية الدينية، وتصغر في عينه الإمامة السياسية. ومن الطبيعي أن نرى عكس هذه النظرة - أي تضخم الإمامة السياسية - عند العامة الدهماء من الناس، وعند المنهارين أمام مراكز القوة والذين لا يقيمون وزنا لعلوم الدين وأهلها، وهذه ظاهرة واضحة في مل عصور التاريخ الإسلامي.
مذهب أهل السنة والجماعة وأهل البيت الشهرستاني في تفسيره المخطوط يتحدث عن تفرق الأمة المسلمة إلى مذاهب شتى، ويشير إلى أن الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة... ثم ينقل