كل هذا مع إدراك أن التغيير المطلوب نحو الأفضل لا يمكن الوصول إليه بنقد ظالم متعسف، يرام من خلاله إيقاع الهزيمة بطرف من الأطراف والانتصار لطرف آخر!
فنقد كهذا لا شك أنه لا يصدر إلا عن نقص معرفة أو قصور ذهني في عدم التمييز بين المسائل الثابتة التي لا تقبل جدلا، وبين المشكوكة الصحة في كل أو بعض ما تتضمن، وبالتالي فهو لا يملأ فراغا علميا، بل على العكس إذ يسهم بإيجاده بدعمه نمطا نقديا لا يرى من الصورة غير إطارها، ولا من الشخص إلا اسمه، ومع هذا قد يكون صادرا بحسن نية.
إلا أن نمطا نقديا من نوع آخر لا يمكن أن يكون كذلك، ذلك النمط الذي يجعل ما عند الآخر متهافتا ولو كان في منتهى القوة، ويصنف الآخرين بالصورة التي يرغبها هو، صورة ساخرة يحاول أن يمزقها بقلمه الذي اعتاد النزول إلى الشتائم لدرجة تشعر من خلالها لذته في الشتم والسباب!
فتراه يعطي العناوين النقدية - لما هو صواب فعلا - بروزا ظاهرا وحجما مميزا، وبشكل يبرز عقدة الاستهداف، مع تأصيل الاستبداد النقدي بالرغبة الظاهرة في احتكار الموضوعات بثقافة شخصية تفتقر إلى التوازن النفسي باستعلائها على ذوي الاختصاص في نقد ذلك التراث الضخم بتعليم تلقيني جامد غالبا ما يؤدي إلى هيمنة التصورات التي لا محصل لها، والافتراضات الخاطئة في نقد الآخرين.
كل هذا مع حشد الناقد الفاقد لمعايير النقد العلمية - سواء في الحديث الشريف أو غيره - لجهات أخرى في محاولة منه لإعلان حالة من التعبئة العامة لمواجهة الطرف الآخر بعقلية التحريض المضاد، كما نلحظه اليوم في تذييل الكتابات النقدية أو تصديرها بعناوين التحذير!!
وهكذا يكون التهديد المباشر، وبلغة بعيدة عن أخلاقيات النقد العلمي