في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٤٨
فقتلوا الناس قتلا عاما حتى الأطفال وكانوا يذبحون الطفل الرضيع على صدر أمه، وكان جماعة من أهل الطائف خرجوا قبل ذلك هاربين، فأدركتهم الخيل وقطعت أكثرهم، وفتشوا عن من توارى في البيوت وقتلوه وقتلوا من في المساجد...
وصارت الأعراب تدخل كل يوم إلى الطائف وتنقل المنهوبات إلى الخارج حتى صارت كأمثال الجبال، فأعطوا خمسها للأمير واقتسموا الباقي ونشروا المصاحف وكتب الحديث والفقه والنحو في الأزقة، وأخبروا أن الأموال مدفونة في المخابئ فحفروا في موضع فوجدوا فيه مالا فلأجلها حفروا جميع بيوت الخلاء والبالوعات.
استيلاؤهم على مكة (عام 1218) فقد استولوا على مكة المكرمة يوم العاشر من محرم، ففعلوا بها وبأهلها ما فعله جندهم بأهل الطائف، وفرض عبد العزيز على علمائها تلقي أفكار ابن عبد الوهاب ومدارسة كتبه كما منع مسلمي الآفاق من أداء الحج والعمرة، فانقطع عن أهل مكة والمدينة ما كان يصل إليهم من الصدقات وأسباب التجارة التي كانوا يعيشون بها، وبعد استيلائهم على مكة دمروا القباب التي شيدت لتكريم شخصيات صدر الإسلام فهدموها وهدموا دار مولد النبي وقبة السيدة خديجة وقبة زمزم، فما مضت عليهم إلا ثلاثة أيام حتى محوا جميع آثار صدر الإسلام ومعالمه وآثار الصالحين فأزالوها عن بكرة أبيها (1).

(1) جبران شامية: آل سعود ماضيهم ومستقبلهم: 64، تاريخ الجبرتي: 93، 118.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»