في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٤٢
يتفرسان فيه الغواية والإلحاد، حتى أن والده " عبد الوهاب " كان رجلا صالحا يتفرس فيه الإلحاد ويعظه وينهاه، وكان مولعا بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذبا كمسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وطريحة الأسدي وأضرابهم (1).
وهذا يعرب عن أن محمد بن عبد الوهاب كان يضمر في مكامن ذهنه شيئا يشاكل فعل هؤلاء المتنبئين، فصب ما أضمره في الدعوة الجديدة إلى التوحيد، وعاد يكفر رجال الدين عامة، وهذه سمة المبتدعين عامة.
انتقال والده إلى حريملة ترك والده العيينة ونزل بلدة حريملة وانتقل معه ولده، ولما مات الوالد عام 1143 أظهر هو أفكاره وآراءه وعندئذ هم أهل حريملة بقتله فهرب إلى العيينة مسقط رأسه ودار نشأته، وتعاهد مع أميرها، أعني: عثمان بن معمر على أن يشد كل أزر الآخر فيترك الأمير للشيخ (ابن عبد الوهاب) الحرية في إظهار الدعوة، والعمل على نشرها، عسى أن يسيطر الأمير على نجد بكاملها، ولكي تقوى الروابط بين الاثنين زوج الأمير أخته جوهرة من الشيخ، فقال له الشيخ: إني لآمل أن يهبك الله نجدا وعربانها (2).
ولكن لم يطل التحالف بين ابن عبد الوهاب وأمراء عيينة لأن أمير

(١) لاحظ زيني دحلان: الدرر السنية: 42، وأحمد أمين: زعماء الإصلاح: 10، صدقي الزهاوي:
الفجر الصادق: 17، وزيني دحلان: فتنة الوهابية: 66.
(2) فيلبي، عبد الله: تاريخ نجد: 36.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»