الله، يقول على الألسن، ويثبت على الأفئدة، وذلك عون الله لأوليائه يظهر في خفي نعمته لطيفا، وقد أثمرت لأهل التقوى أغصان شجرة الحياة، وإن فرقانا من الله بين أوليائه وأعدائه، فيه شفاء للصدور وظهور للنور، يعز الله به أهل طاعته، ويذل به أهل معصيته.
فليعد امرى لذلك عدته، ولا عدة له إلا بسبب بصيرة وصدق نية وتسليم سلامة أهل الخفة في الطاعة، ثقل الميزان، والميزان بالحكمة، والحكمة فضاء للبصر، والشك والمعصية في النار، وليسا منا ولا لنا ولا إلينا، قلوب المؤمنين مطوية على الايمان إذا أراد الله إظهار ما فيها فتحها بالوحي، وزرع فيها الحكمة، وإن لكل شئ إني يبلغه لا يعجل الله بشئ حتى يبلغ إناه ومنتهاه.
فاستبشروا ببشرى ما بشرتم، واعترفوا بقربان ما قرب لكم، وتنجزوا ما وعدكم، إن منا دعوة خالصة يظهر الله بها حجته البالغة، ويتم بها نعمه السابغة ويعطي بها الكرامة الفاضلة، من استمسك بها أخذ بحكمة، منها آتاكم الله رحمته ومن رحمته نور القلوب، ووضع عنكم أوزار الذنوب، وعجل شفاء صدوركم وصلاح أموركم، وسلام منا دائما عليكم، تعلمون به في دول الأيام، وقرار الأرحام، فإن الله اختار لدينه أقواما انتخبهم للقيام عليه، والنصرة له، بهم ظهرت كلمة الاسلام، وأرجاء مفترض القرآن، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها.
ثم إن الله خصصكم بالاسلام، واستخلصكم له، لأنه اسم سلامة، وجماع كرامة اصطفاه الله فنهجه، وبين حججه، وأرف أرفه وحده ووصفه وجعله رضى كما وصفه، ووصف أخلاقه وبين أطباقه، ووكد ميثاقه، من ظهر وبطن ذي حلاوة وأمن، فمن ظفر بظاهره، رأى عجائب مناظره في موارده ومصادره، ومن فطن بما بطن، رأى مكنون الفطن، وعجائب الأمثال والسنن.
فظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه، فيه ينابيع النعم، ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تنكشف الظلم إلا بمصابيحه، فيه