بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وكل الأرقام والشواهد في سيرة أصحاب هذا الاتجاه تدل بصورة لا تقبل الشك على انه لم يكن يؤمن بالشورى، إذ ان أبا بكر حين اشتد به المرض عهد إلى عمر وولاه على الأمة، وسار عمر على المنهج نفسه حين عين ستة يختارون من بينهم واحدا وكان يقول " لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى " (1).
ولو كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد قرر ان يجعل من جيل المهاجرين والأنصار قيما على الدعوة من بعده، لتحتم عليه ان يعبئ هذا الجيل تعبئة رسالية وفكرية واسعة تجعله قادرا على مواجهة المشكلات الفكرية التي تواجهها الدعوة في حالة انفتاحها على شعوب متعددة وأراضي جديدة.
ولكننا لا نجد أثرا لذلك الإعداد، والمعروف عن الصحابة انهم كانوا يتحاشون من ابتداء النبي (صلى الله عليه وآله) بالسؤال، بل امسكوا عن تدوين آثار الرسول (صلى الله عليه وآله) وسننه على رغم أنها المصدر الثاني من مصادر الإسلام، وكون التدوين هو الأسلوب الوحيد لحفظها (2).