فإن قلت: إذا كان ما عملوا فيه بالرأي هو من سنته لم يبق لقوله: سنة الخلفاء الراشدين ثمرة.
قلت: ثمرته أن من الناس من لم يدرك زمنه وأدرك زمن الخلفاء الراشدين، أو أدرك زمنه وزمن الخلفاء، ولكنه حدث أمر لم يحدث في زمنه، ففعله الخلفاء، فأشار بهذا الإرشاد إلى سنة الخلفاء إلى دفع ما عساه يتردد إلى بعض النفوس من الشك ويختلج فيها من الظنون.
فأقل فوائد الحديث أن ما يصدر منهم من الرأي وإن كان من سنته كما تقدم، ولكنه أولى من رأي غيرهم عند عدم الدليل.
وبالجملة فكثيرا ما كان صلى الله عليه [وآله] وسلم ينسب الفعل أو الترك إليه أو إلى أصحابه في حياته مع أنه لا فائدة لنسبته إلى غيره مع نسبته إليه، لأنه محل القدوة ومكان الأسوة.
فهذا ما ظهر لي في تفسير هذا الحديث، ولم أقف عند تحريره على ما يوافقه من كلام أهل العلم. فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله العظيم (1).
أقول:
لقد تنبه هذا الشيخ الجليل إلى أن القول بأن طريقتهم نفس طريقته يتنافى وظاهر الحديث الدال على المغايرة، ورفع اليد عن الظهور بلا دليل غير جائز، فنقل الكلام إلى حجية آراء الخلفاء واجتهاداتهم، وقال بذلك استنادا إلى حديث معاذ، ثم ذكر في هذا المقام دلالة الحديث على المغايرة بصورة سؤال، وحاول الإجابة عنه بما هو في الحقيقة التزام بالإشكال!
وعلى الجملة، فإن الكلام في إثبات أن طريقة الخلفاء نفس طريقة النبي