وليس فيه بعد....
فقال المكتفون بإجماع الأكثر: صح خلافة أبي بكر مع خلاف علي وسعد بن عبادة وسلمان.
فأجيب: ويدفع بأن الإجماع بعد رجوعهم إلى بيعته. هذا وأضح في أمير المؤمنين علي.
فلو سلمنا ما ذكروه من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، فما الجواب عن تخلف سعد بن عبادة؟!
أما المناوي فلم يتعرض لهذه المشكلة... وتعرض لها شارح مسلم الثبوت فقال بعد ما تقدم: لكن رجوع سعد بن عبادة فيه خفاء، فإنه تخلف ولم يبايع وخرج عن المدينة، ولم ينصرف إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة أمير المؤمنين عمر، وقيل: مات سنة إحدى عشرة في خلافة أمير المؤمنين الصديق الأكبر. كذا في الاستيعاب وغيره. فالجواب الصحيح عن تخلفه: أن تخلفه لم يكن عن اجتهاد، فإن أكثر الخزرج قالوا: منا أمير ومنكم أمير، لئلا تفوت رئاستهم... ولم يبايع سعد لما كان له حب السيادة، وإذا لم تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضر الإجماع....
فإن قلت: فحينئذ قد مات هو رضي الله عنه شاق عصا المسلمين مفارق الجماعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأصحابه وسلم: لم يفارق الجماعة أحد ومات إلا مات ميتة الجاهلية. رواه البخاري. والصحابة لا سيما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية.
قلت: هب أن مخالفة الإجماع كذلك، إلا أن سعدا شهد بدرا على ما في صحيح مسلم، والبدريون غير مؤاخذين بذنب، مثلهم كمثل التائب وإن عظمت المصيبة، لما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة بهم. وأيضا: هو عقبي ممن بايع في العقبة، وقد وعدهم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأصحابه وسلم الجنة