ولكن لما كانت هناك مزايا وفروق بين أفراد النوع الواحد، (1) كان لا بد وأن تواتي الظروف، عددا من أفراد كل نوع، ممن يحتوي الفروق والمزايا الجيدة، في حين تعاكس الظروف باقي الأفراد من نفس النوع بالنظر لرداءة ما تحمله من مزايا وفوارق.
ونتيجة ذلك كله، في هذا الصراع المستمر، سوف يكون الفوز للأقوى الأصلح. وهذا ما اصطلح عليه التطوريون ببقاء الأصلح.
ولكن التطوريين هؤلاء، رأوا أن ما تقدم وحده، لا يفسر تغير الأنواع بل وتطورها إلى الأحسن، وبالتالي بقاءها. ومن هنا ذهبوا إلى الاستعانة بقانون الوراثة. وهو أحد القوانين الثلاثة في نظريتهم كما سبق.
ومعنى هذا القانون، هو أن ما فرض من مزايا وفوارق بين أفراد النوع لا بد وأن تكون فيها قابلية الانتقال من الأفراد إلى ما يتوالد منها بطريق التزاوج ولولا ذلك لعادت ذرية الفرد، إلى المستوى العادي للنوع، مهما كانت المزايا التي يتمتع بها الفرد نفسه. ولكان معنى ذلك، أن نعود من حيث بدأنا (2) ولعل هذا هو ما اصطلح عليه التطوريون بالانتخاب الطبيعي.
هذه موجزا، نظرية التطور. ومجرد الانتباه إلى توصيف هذه النظرية. الانتخاب بالطبيعي يؤكد بشكل واضح، أن هذه النظرية آلية بحتة، لا تؤمن بأية ضرورة لفرض أية قوة خارجية، تسبب عنها هذا التطور، بل تحصر هذه العملية بالاتفاق والمصادفة، من دون أن يكون فيها أية غائية أو قصد، سواء في ذلك النبات والحيوان بما فيه الإنسان.