فهل كان الذي سمعوه منه وحفظوه هو (النص) على واحد معين من بعده، أو ترك الأمر إلى الأمة نفسها لتختار له خلفا يقوم بوظائفه وشؤونه؟
وعلى الجملة، فهل الأساس في الإمامة والخلافة - على ضوء الكتاب والسنة - هو (النص) أو (الشورى)؟
ولكنا إذا ما عدنا إلى خلفيات الواقع التاريخي لمسألة الخلافة في الإسلام، ودرسناها بحياد تام، لوجدناها قد حسمت بعيدا عن كلا الأمرين وذلك بإجراء سريع عاجل على أثر مبادرة جماعة من الأنصار مع نفر قليل من المهاجرين إلى اجتماع السقيفة في وقت انشغال المسلمين وعلى رأسهم أهل البيت عليهم السلام وبنو هاشم كلهم بتجهيز النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وإلقاء النظرة الأخيرة على الجسد المطهر العظيم ومن ثم مواراته الثرى في موكب حزين.
ومع قلة المجتمعين في السقيفة فإن ما دار بينهم لم يسفر عن رضا الجميع ولا عن اتفاقهم أو تشاورهم، بل تطاير الشر فيها، وكانت بيعتهم - كما قال عمر - (فلتة وقى الله شرها).
وهذا يعني أن الشورى لم تتحقق بين أصحاب السقيفة أنفسهم فضلا عمن غاب عنها ورفضها كأهل البيت عليهم السلام، وأصحابهم، وبني هاشم كلهم، والأمويين أيضا كما يدل عليه موقف عميدهم، فهذا هو الواقع التاريخي الذي ساد بعد اجتماع السقيفة.
ولأجل صيانته، والحفاظ على كرامة السلف الماضين حاولت طائفة التنظير لمسألة الخلافة من خلال ذلك الواقع فتشبثت بالشورى، لكن لما اصطدمت بالواقع التاريخي الذي أشرنا إليه، عادت إلى النص...