وإنما سقت لك كلام هذا الإمام الخريت - بطوله - لنفاسته، وهو الحق الذي لا محيد عنه ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون﴾ (1)، ولم أر من سبقه إلى هذا التمحيص الأنيق، فاشدد عليه يديك، وعض عليه بناجذيك، والله الموفق والمستعان (2).
فإن قلت:
ومع ذلك فقد يقال: إن الحديث فرد مطلق، تفرد به وكيع بن الجراح في جميع طرقه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
قلت:
وإن كنت ستعرف أن الأمر ليس كما قيل، لكن لو سلم فلا ضير في ذلك، فإن وكيعا متفق على ثقته، وقد احتج به الجماعة، ومن روى له الشيخان فقد جاز القنطرة - كما قاله الإمام أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي (3).
فتفرد مثل وكيع ليس بقادح البتة، لأن الثقة إذا روى ما لم يروه غيره فمقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا، فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط، وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل - كما قال الحافظ عماد الدين ابن كثير في اختصار علوم الحديث (4) -.