بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٤٧
من البكاء عليه، فلما انتهى ذلك إلى عمر، قال: وما على نساء بني المغيرة أن يرقن من دمعهن على أبي سليمان عندما لم يكن لغوا ولا لقلقة. (1) ومنها: بكاؤه على أخيه زيد بن الخطاب، وكان صحبه رجل من بني عدي بن كعب فرجع إلى المدينة فلما رآه عمر دمعت عيناه، وقال: وخلفت زيدا قاضيا وأتيتني. (2) فالبكاء المتكرر من الخليفة يهدينا إلى أن المراد من الحديث - لو صح سنده - معنى آخر، كيف وأن ظاهر الحديث لو قلنا به فإنه يخالف الذكر الحكيم، أعني قوله سبحانه: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) *. (3) فأي معنى لتعذيب الميت ببكاء غيره عليه!!
فقه الحديث كل هذه النقول توقفنا على أن المراد من الحديث " إن الميت يعذب... " - إن صح سنده - غير عندما يفهم من ظاهره، وقد كان محتفا بقرائن سقطت عند النقل، ولأجل ذلك توهم البعض حرمة البكاء على الميت استنادا إلى هذا الحديث، غافلا عن مرمى الحديث ومغزاه.
أخرج مسلم في صحيحه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال:

1. العقد الفريد: 3 / 235.
2. المصدر نفسه.
3. فاطر / 18.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»