التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢١٦
من التوجه إلى كل مسجد، فإن سائر المساجد إما مسجد الجامع، أو مسجد السوق أو مسجد المحلة فلكل واحد من هذه المساجد نظير في بلد المرء فلا ينبغي أن يشد إليها الرحال في البلاد الأخرى ما دامت تتساوى في الفضيلة، نعم ما يترتب على الصلاة في هذه المساجد الثلاثة لا يترتب على الصلاة في سائر المساجد ولذلك يستحب شد الرحال إليها.
فتلخص أولا أن معنى الحديث هو عدم شد الرحال إلى مسجد من المساجد لا إلى مكان من الأمكنة ولا إلى قبر.
هذا أولا ونقول ثانيا: إن النهي عن شد الرحال إلى سائر المساجد دون الثلاثة ليس نهيا إلزاميا، بل هو للإرشاد إلى عدم ترتب ثواب وافر على التوجه إلى سائر المساجد.
ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يشد الرحال إلى غير المساجد المذكورة في الحديث كما في صحيح البخاري:
ففي باب إتيان مسجد قبا راكبا وماشيا عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه و آله وسلم يأتي قباء راكبا وماشيا (1).
وفي باب من أتى مسجد قباء كل سبت، عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا وراكبا وكان عبد الله (بن عمر) يفعله (2).
وفي باب مسجد قباء عن ابن عمر أنه كان يحدث أن رسول الله يزوره راكبا وماشيا (3).

(١) صحيح البخاري: ٢ / 61.
(2) المصدر نفسه: 2 / 61.
(3) المصدر نفسه: 2 / 61.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»