التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠٩
وعلى ذلك فالمراد بها غير المساجد بل البيوت المشرفة التي أذن الله أن ترفع، ويذكر فيها اسمه، وبيوت الأنبياء والأولياء من أوضح مصاديقها لما خص الله هذه البيوت وأهاليها بمزيد الشرف، والكرامة فقد قال الله عن البيت النبوي وأهله:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب - 33).
وهذا البيت نظير بيت إبراهيم حيث قالت الملائكة في شأنه لامرأة إبراهيم:
(أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) (هود - 73).
ولأجل ذلك نرى العلامة السيوطي بعد نقل قول ابن عباس نقل عن مجاهد قوله:
إن المراد، هي بيوت النبي.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة أنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية، فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال:
بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ (يعني بيت علي وفاطمة) قال: نعم من أفاضلها (1).
هذا عن الأمر الأول.
وأما المراد من الرفع (هو الأمر الثاني) فهو يحتمل أحد معنيين:
أ): أذن الله أن ترفع تلك البيوت بالبناء والعمارة للعبادة التي وردت في نفس الآية من ذكر اسمه تعالى فيها، والتسبيح فيها بالغدو والآصال.
ويدل على ذلك قوله سبحانه:

(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور: 5 / 50 في تفسير الآية.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»