في نفسه، وتأكد له أن بقاءه سيميت الرجولة والشهامة والنخوة في قلبه، ليحل محله الخوف والرعب والفزع، وربما لا يمكنه الصمود والثبات للحوادث مستقبلا، وربما ينهار أمام عيون الطاغية الوالي زياد، فصمم على مغادرة دار مضيفه، وفي ظلام الليل تسلل رشيد خارجا من البيت وترك صورته متجسدة في ذهن أبي أراكة، كشبح يعتريه كلما خطرت له خاطرة في يقظة وحلم.
ومضت الأيام تلو الأيام، وزياد ابن أبيه ما انفك يبحث عن رشيد ولا يلين عن مطالبة شرطته وجلاوزته وعيونه، بالتفتيش عن رشيد الهجري ومطاردته والقبض عليه، هذا الانسان الذي أقظ مضجعه واعتبره خطرا على الحكم الأموي، وأخيرا وفي غسق الليل انقضت عليه أيدي الجلاوزة والقي القبض عليه حينما كان رشيد يحاول أن يغير مكانه، وانتشر الخبر وتسابق الناس إلى مجلس زياد مع إشراقة الشمس لتعرف ما يكون من مصير هذا المعارض الصلب العنيد.
أدخل رشيد الهجري على زياد بن أبيه مقيدا