أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٨٤
عظيما قبل سقوط الدولة الأموية بفرار أتباع زيد ومن قبله إليها (1).
6 - وقال السيد الأمين: إن الفرس الذين دخلوا الإسلام لم يكونوا شيعة في أول الأمر إلا القليل، وجل علماء السنة وأجلائهم من الفرس، كالبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم النيسابوري والبيهقي، وهكذا غيرهم ممن أتوا في الطبقة التالية (2).
وأما النظرية الثانية فإن التاريخ يدلنا على أن الفرس دخلوا في الإسلام يوم دخلوا بالصبغة السنية، وهذا هو البلاذري يحدثنا في كتابه عن ذلك بقوله:
كان ابرويز وجه إلى الديلم فأتى بأربعة آلاف، وكانوا خدمه وخاصته، ثم كانوا على تلك المنزلة بعده، وشهدوا القادسية مع رستم، ولما قتل وانهزم المجوس اعتزلوا، قالوا: ما نحن كهؤلاء ولا لنا ملجأ، وأثرنا عندهم غير جميل، والرأي لنا أن ندخل معهم في دينهم، فاعتزلوا. فقال سعد: ما لهؤلاء؟ فأتاهم المغيرة بن شعبة فسألهم عن أمرهم، فأخبروا بخبرهم، وقالوا: ندخل في دينكم، فرجع إلى سعد فأخبره فآمنهم، فأسلموا وشهدوا فتح المدائن مع سعد، وشهدوا فتح جلولاء، ثم تحولوا فنزلوا الكوفة مع المسلمين (3).
لم يكن إسلامهم - يوم ذاك - إلا كإسلام سائر الشعوب، فهل يمكن أن يقال: إن إسلامهم يوم ذاك كان إسلاما شيعيا؟
وأما النظرية الثالثة: فإن الإسلام كان ينتشر بين الفرس بالمعنى الذي كان ينتشر به في سائر الشعوب، ولم يكن بلد من بلاد إيران معروفا بالتشيع إلى أن انتقل قسم من الأشعريين الشيعة إلى قم وكاشان، فبذروا بذرة التشيع، وكان ذلك

(١) الإمام جعفر الصادق: ٥٤٥.
(٢) أعيان الشيعة ج ١، القسم الأول: 50 - 51 ط 2 - دمشق سنة 1363 ه‍ (3) البلاذري، فتوح البلدان: 279.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»