أثبت لك جملا من اعتقادات الشيعة المؤمنين، وفصولا في المذهب يكون عليها بناء المسترشدين، لتذاكر نفسك بها، وتجعلها عدة لطالبها، وأنا أختصر لك القول وأجمله، وأقرب الذكر وأسهله وأورده على سنن الفتيا في المقالة، من غير حجة ولا دلالة، وما توفيقي إلا بالله:
في توحيده سبحانه:
اعلم أن الواجب على المكلف: أن يعتقد حدوث العالم بأسره، وأنه لم يكن شيئا قبل وجوده، ويعتقد أن الله تعالى هو محدث جميعه، من أجسامه، وأعراضه، إلا أفعال العباد الواقعة منهم، فإنهم محدثوها دونه سبحانه.
ويعتقد أن الله قديم وحده، لا قديم سواه، وأنه موجود لم يزل، وباق لا يزال، وأنه شئ لا كالأشياء. لا شبيه الموجودات، ولا يجوز عليه ما يجوز على المحدثات، وأن له صفات يستحقها لنفسه لا لمعان غيره، وهي كونه حيا، عالما، قديما، باقيا، لا يجوز خروجه عن هذه الصفات إلى ضدها، يعلم الكائنات قبل كونها، ولا يخفى عليه شئ منها.
في عدله سبحانه:
وأن له صفات أفعال، لا يصح إضافتها إليه في الحقيقة إلا بعد فعله، وهي ما وصف به نفسه من أنه خالق، ورازق، ومعط، وراحم، ومالك، ومتكلم، ونحو ذلك.
وأن له صفات مجازات وهي ما وصف به نفسه، من أنه يريد ويكره، ويرضى ويغضب.
فإرادته لفعل هي الفعل المراد بعينه، وإرادته لفعل غيره هي الأمر بذلك الفعل، وليس تسميتها بالإرادة حقيقة، وإنما هو على مجاز اللغة، وغضبه هو وجود عقابه، ورضاه هو وجود ثوابه، وأنه لا يفتقر إلى مكان، ولا يدرك بشئ