التعصب، والاندفاع طلبا للنصر وحبا للغلب.. إنهم لو فعلوا لكان ذلك مادة طيبة للدراسة، وميدانا فسيحا لكشف الحقائق وتجليتها..
أما الأستاذ " مرتضى " فقد تنبه إلى هذا من أولى خطواته على هذا الطريق، فما التقى بعالم أو أديب، على طريق المصادفة أو القصد، إلا وعى هذا اللقاء في ذاكرته، ثم عاد فسجله في مذكراته، مبينا تاريخه باليوم والساعة، معلقا عليه بما يعن له من آراء، وهو يدبر في نفسه أمرا لم يكشف عنه لأحد..
ولقد التقيت لقاءات كثيرة مع الأستاذ " مرتضى " ودار الحديث بيننا في مختلف الشؤون دورات واسعة أو ضيقة، ولكنها تاهت جميعها في مسارب نفسي، ولم أعد أذكر إلا أنني التقيت بالأستاذ الصديق مرات كثيرة..
ولكن كم هي؟ ومتى وأين هي؟ وما الأحاديث التي جرت بيني وبينه في كل لقاء؟ وذلك ما لم أعد أذكر منه إلا ظلالا أو شبه ظلال، حتى إذا كان هذا اليوم الذي أيقظني فيه الأستاذ الصديق من تلك الغفلة، حين قدم إلى هذا الكتاب، وأطلعني منه على الترجمة الخاصة بي، وقد أخذني العجب والدهش، إذ رأيته يأتي بتفاصيل لأحاديث عابرة بيننا، ويذكر زمانها ومكانها، وكأنها بنت ساعتها، حتى لقد سألت الأخ " مرتضى " في صدق وجد. أكانت معك آله مسجلة كنت تديرها سرا في كل لقاء تم بيننا؟ فقال في صدق وجد أيضا: وكيف هذا؟ وهل رأيتني أحمل معي تلك الآلة المسجلة التي تقول عنها؟
والحق أن ما كتبه الأستاذ " مرتضى " عن شخصياته التي ترجم لها في هذا