أما الشخصيات التي ترجم لها المؤلف في هذا الكتاب، فهي شخصيات عرفها المؤلف عن قرب، وعايشها معايشة صداقة وألفة امتدت سنين كثيرة، وقد تخيرها المؤلف من بين الكثيرين من علماء مصر ومفكريها بعد أن التقى بهم لقاءات فكرية متعددة فيما قرأ لهم من مؤلفات، أو فيما استمع لهم من أحاديث عن طريق الإذاعة، أو المحاضرات في الأندية والمجامع العملية، ثم رأى أنهم أقرب العلماء والمفكرين إلى ثقافته. وإلى ما يدور في عقله من خواطر وآراء، فحمله ذلك على أن يلقاهم من قريب، وأن يتصل بهم اتصالا شخصيا، فيستمع إليهم ويسمعهم، ويلتقي معهم أو يختلف، ثم يمضي على طريق التواصل بينه وبينهم، سواء باللقاءات الشخصية، أو عن طريق المراسلة إذا كان بعيدا عن مصر.. وكثيرا منا من يفعل هذا، فيكون له صفوة من بين العلماء والمفكرين، يلقاهم ويلقونه، ويتحدث إليهم ويتحدثون إليه، ويختلف أو يتفق معهم في الرأي، ولكن لا أظن أن أحدا منا يعود من مطافه مع إخوانه وأصفياء وده، ثم يخلو بنفسه، ويسجل في مذكراته شيئا من الأحاديث التي دارت بينه وبينهم، وإن هو سجل شيئا من هذا فإنه لا يسجل إلا الأحداث البارزة، والقضايا المثيرة، ثم إن هو فعل ذلك لم يكن على نية من أن يكون هذا موضع دراسة، أو موضوع عمل يخرجه للناس كتابا منشورا.
ولكن الأستاذ " مرتضى " خرج على هذا الأسلوب الرتيب العقيم الذي يذهب بتلك الثمرات الطيبة، التي كان يمكن أن يجتنيها العلماء والمعلمون من تلك اللقاءات الكثيرة التي تجمع بين الأصدقاء من أهل العلم، وأولي الفكر، لو أنهم حرصوا على تسجيلها في حينها، وتسجيل ما انقدح في خواطرهم منها، بعد أن تهدأ حدة المناقشة، ويصفو الجو مما قد تثيره الخلافات في الرأي من