نظرة في كتاب البداية والنهاية - الشيخ الأميني - الصفحة ١٩
وزلفته إليه، وقربه منه، ومكانته، واختصاصه به، وتهالكه دون دينه الحنيف، كلها من الواضح الذي لا يجلله أي ستار، وسنوقفك على الحديث وطرقه المتكثرة الصحيحة (1)، ونعرفك هناك أن
(١) وفي حدود مراجعتي لغدير الشيخ المؤلف لم أضفر بهذه الإحالة، ولعله ذكرها في القسم غير المطبوع من الغدير.
وللحديث طرق كثيرة متكثرة ينتهي سندها إلى جابر بن عبد الله الأنصاري، والإمام علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأنس بن مالك.
وطرق رواية أنس بالغة حد التواتر منها: رواية سعيد بن المسيب ومسلم الملائي عن أنس، والحسن البصري عن أنس، وقتادة، وعثمان الطويل، وميمون ابن أبي خلف، وعبد العزيز بن زياد، والزبير بن عدي، وأبي الهندي، والحكم بن محمد بن سليم، وإسماعيل بن عبد الرحمان السدي، وعبد الملك بن عمير، وإسماعيل الكوفي، وعطاء، وأبي حذيفة العقيلي، وأبان.
وبعض هذه الطرق ذكرها ابن كثير نفسه في البداية والنهاية، وأضاف قائلا:
ورأيت فيه مجلدا في جمع طرقه وألفاظه لابن جرير الطبري المفسر صاحب التأريخ ٧ / ٣٥٢.
وقد ذكر أبو عبد الله الذهبي طرق أخرى غير ما ذكر، وعدها حتى أوصلها إلى بضعا وتسعين طريقا.
بقي أن نقول أن الحديث المروي بهذه الطرق الكثيرة يوجب أن يكون الحديث له أصل كما اعترف بذلك الذهبي في ترجمة الحاكم من كتابه تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٤٢ حيث قال:
وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا، قد أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل.
وإليك شهادات أخر تثبت صحة الحديث، ويبطل بذلك تنظر ابن كثير.
قال ابن عدي الجرجاني في كتابه الكامل ٢ / ٥٧٠: حدثنا عبدان، حدثنا قطن بن نسير، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا عبد الله بن المثنى، عن عبد الله بن أنس بن مالك، قال: قال أنس بن مالك أهدي إلى رسول الله (ص) حجلا مشويا، فذكر حديث الطير.
قال: وهذا الحديث يرويه جعفر، عن عبد الله بن المثنى.
وقال الذهبي في تأريخ الإسلام ٣ / ٦٣٣:
وله طرق كثيرة عن أنس متكلم فيها، وبعضها على شرط السنن، ومن أجودها حديث قطن ابن نسير (شيخ مسلم): حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا عبد الله بن المثنى، عن عبد الله بن أنس بن مالك، عن أنس قال: أهدي إلى رسول الله (ص) حجل مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي.. وذكر بقية الحديث.
ومن الطرق التي ذكرها ابن كثير وضعفها طريق سكين بن عبد العزيز بن ميمون أبي خلف عن أنس بن مالك... ثم قال: قال الدارقطني: من حديث ميمون أبي خلف تفرد به سكين بن عبد العزيز ٧ / ٣٥١.
أقول: وسكين بن عبد العزيز بن خميس العطار، ذكره شيخ الإسلام الرازي في كتابه الجرح والتعديل ٤ / ٢٠٧، وقال: وكان ثقة، ونقل الوثاقة عن ابن معين ووكيع.
ومن الطرق التي ضعفها أيضا ما رواه الحاكم في المستدرك عن أبي علي الحافظ، عن محمد ابن أحمد الصفار وحميد بن يونس الزيات، كلاهما عن محمد بن أحمد بن عياض، عن أبي حسان أحمد بن عياض بن أبي طيبة، عن يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال، عن يحيى ابن سعيد، عن أنس، وذكر الحديث، وقال: وهذا إسناد غريب ٧ / ٣٥١.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥: ورواه الطبراني في الأوسط والكبير...
وفي أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال صحيح.
أقول: المشكلة إذن في أحمد بن عياض بن أبي طيبة وإلا فالإسناد صحيح.
قال ابن حجر في لسان الميزان ٥ / ٥٧ في ترجمة ولده محمد بن أحمد بن عياض روى عن أبيه أبي غسان أحمد بن عياض بن أبي طيب المعري، عن يحيى بن حسان، فذكر حديث الطير. قلت: الكل ثقاتا هذا وإنما أتهمه به ثم ظهر لي أنه صدوق... ذكره ابن يونس في تأريخ مصر: أحمد بن عياض بن عبد الملك.. سكين أبا غسان هكذا ذكره، ولم يذكر فيه جرحا، ثم أسند إليه حديث الطير هذا....
وللوقوف على بعض مصادر الحديث يراجع:
الجامع الصحيح للترمذي ٥ / ٦٣٦ ح ٣٧٢١، المعجم الأوسط للطبراني ٢ / ٤٤٣ ح ٥ ١٧٦، ذخائر العقبى: ٦١، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، تذكرة الخواص: ٤٤، قال بعد نقل رواية الترمذي عن السدي:
قال الترمذي: السدي اسمه إسماعيل بن عبد الرحمان، سمع من أنس بن مالك، وروى الحسن بن علي، ووثقه سفيان الثوري وشعبه ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم.
قلت: إنما ذكر الترمذي هذا في تعديل السدي لأن جماعة تعصبوا عليه ليبطلوا هذا الحديث فعدله الترمذي، وعده من الروايات الحسان البغوي في مصباح السنة ٤ / ١٧٣ ح ٤٧٧٠، كنز العمال ١٣ / 167 ح 36507، مناقب الخوارزمي: 107، 115، مناقب ابن المغازلي: 163.