والمنسوخ، كما سيأتي الإشارة إليه.
وأما رواية خالد بن المهاجر - ابن الوليد - ففيها أن قول ابن أبي عمرة الأنصاري " أنها كانت رخصة ثم نهى عنها " اجتهاد محض وتخرص من دون أي دليل وشاهد، إذ لم يكن عبد الرحمن بن أبي عمرة صحابيا، ولم يكن شهد مشهدا من المشاهد حتى يحتمل في حقه السماع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، نعم، لعله يروي عمن سمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن غيره، ولكنه مرسل إذ لم يذكره.
قال ابن حجر: " قال ابن أبي حاتم في المراسيل: ليست له صحبة " (1).
التعريف بابن عباس:
إنه أجلى من أن يعرف ويترجم له، فهو " حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، صحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نحوا من ثلاثين شهرا (2)، وحدث عنه بجملة صالحة، روى عنه عشرات الرواة، وكان مهيبا، كامل العقل، ذكي النفس، من رجال الكمال، وهو الذي مسح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رأسه ودعا له بالحكمة، ودعا له بقوله:
" اللهم علمه تأويل القرآن "، وقال: " اللهم فقهه في الدين ".
وقال طاوس: ما رأيت أحدا أشد تعظيما لحرمات الله من ابن عباس.
وأيضا عن طاوس، عن ابن عباس، قال: " إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " (3).
وعن عبيد الله بن عبد الله: " ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنة.. من ابن عباس " (4).
أقول: هذا من شدة ورعه وتقواه في عدم نسبته شيئا إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا بعد أن يتيقن ويقطع به، وذلك بأن يسأل من ثلاثين شخصا من الصحابة في تلك المسألة. كما ورد في هذا النص، وصحح الذهبي إسناده.