الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣٦
الإمامة، وكيف لا يكون كلاما في الإمامة وهو لا يعدو أن يكون كلاما في صفاته، أو في صفة ما يتولاه (1) ويقوم به، لأن من قال من الإمامية: إن الإمام لا يكون إلا معصوما، (2) فاضلا، أعلم الناس إنما خالف خصومه في صفات الإمام، وكذلك إذا قال: إنه حجة في الدين، وحافظ للشرع، ولطف (3) في فعل الواجبات والامتناع من المقبحات، فخلافه إنما هو فيما يتولاه الإمام ويحتاج فيه إليه، فكيف ظن صاحب الكتاب أن الكلام مع من لم يوافقه في صفات الإمام وفيما يتولاه لا يكون كلاما في الإمامة؟ وهذا يؤدي إلى أن الكلام في الإمامة إنما يختص به المعتزلة (4)

(١) أي في صفات الإمام وما يتولاه من الأمور.
(٢) الدليل العقلي على وجوب عصمة الإمام أن الخطأ من البشر ممكن ولا يمكن رفع الخطأ الممكن إلا بالرجوع إلى المجرد من الخطأ وهو المعصوم ولا يمكن افتراض عدم عصمته لأدائه إلى التسلسل أو الدور. أما التسلسل فإن الإمام إذا لم يكن معصوما احتاج إلى إمام آخر، لأن العلة المحوجة إلى نصبه هي جواز الخطأ على الرعية، فلو جاز عليه الخطأ لاحتاج إلى إمام آخر فإن كان معصوما وإلا لزم التسلسل، وأما الدور فلحاجة الإمام إذا لم يكن معصوما للرعية لترده إلى الصواب مع حاجة الرعية إلى الاقتداء به " الألفين للعلامة الحلي ص ٤ " أما الدليل النقلي فقوله تعالى لإبراهيم عليه السلام: (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة ١٢٤ فدلت هذه الآية على أمرين: أن نصب الإمام من قبل الله تعالى، والثاني عصمة الإمام، لأن المذنب ظالم ولو لنفسه.
(٣) دليل اللطف مفاده: أن العقل يحكم بوجوب اللطف على الله تعالى. وهو فعل ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية ويوجب إزاحة العلة وقطع العذر بما لا يصل إلى حد الالجاء (هوية التشيع للدكتور الوائلي) (4) المعتزلة: طائفة من طوائف المسلمين وهم فرق متعددة أنهاها الشهرستاني في الملل والنحل إلى اثنتي عشرة فرقة وسبب تسميتهم بالمعتزلة أن واصل بن عطاء كان من أصحاب الحسن البصري فبينما هو في حلقة درسه إذ سأل الحسن البصري رجل ما تقول في صاحب الكبيرة؟
فقال الحسن: إن جماعة من المسلمين يعتبرونه مؤمنا ويقولون: لا يضر مع الإيمان سيئة، ولا تنفع مع الكفر حسنة، وجماعة آخرون يعتبرونه كافرا، فقال واصل: أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمنا ولا أقول كافرا وإنما هو بمنزلة بين منزلتين. ليس بكافر ولا مؤمن، واعتزل واصل بعد هذه الواقعة مجلس الحسن، واتخذ له مجلسا خاصا جعل يقرر فيه هذا الرأي وتبعه على ذلك جماعة فقال الحسن: اعتزلنا واصل فسموا بالمعتزلة، ولهم أصول خمسة لا يستحق برأيهم أن يوصف بالاعتزال من لم يقل بها التوحيد والعدل والوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»