فصل:
وأقول: إن هذه الشبهة الداخلة على المخالف إنما استولت عليه لبعده عن سبيل الاعتبار ووجوه (1) الصلاح وأسباب الفساد، وذلك أن المصالح تختلف باختلاف الأحوال، ولا تتفق مع تضادها، بل يتغير تدبير الحكماء في حسن النظر والاستصلاح بتغير (2) آراء المستصلحين وأفعالهم وأغراضهم في الأعمال.
ألا ترى أن الحكيم من البشر يدبر ولده وأحبته (3) وأهله وعبيده وحشمه بما (4) يكسبهم (5) المعرفة والآداب، ويبعثهم على الأعمال الحسنات، ليستثمروا (6) بذلك المدح وحسن الثناء والإعظام من كل أحد والإكرام، ويمكنوهم من المتاجر والمكاسب للأموال (7)، لتتصل مسارهم بذلك، وينالوا بما يحصل لهم من الأرباح الملذات (8)، وذلك هو الأصلح لهم، مع توقرهم (9) على ما دبرهم به من أسباب ما ذكرناه.
فمتى أقبلوا على العمل بذلك والجد فيه، أداموا لهم ما يتمكنون به