ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسييرك حسينا من حرم رسول الله (ص) إلى حرم الله، وتسييرك إليه الرجال وإدساسك إليهم إن هو نذر بكم فعاجلوه، فما زلت بذلك وكذلك حتى أشخصته من مكة إلى أرض الكوفة تزئر إليه خيلك وجنودك زئير الأسد عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته، ثم كتبت إلى ابن مرجانة (1) يستقبله بالخيل والرجال والأسنة والسيوف، ثم كتبت إليه بمعاجلته وترك مطاولته حتى قتلته ومن معه من فتيان بني عبد المطلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (2).
نحن أولئك لا كآبائك الأجلاف الجفاة أشباه الحمير، ولقد علمت أنه كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديما وأعزه بها حديثا لوثوا بالحرمين مقاما، واستحل بها قتالا ولكنه كره أن يكون هو الذي يستحل به حرم الله وحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحرمة البيت الحرام، فطلب إليكم الحسين الموادعة، وسألكم الرجعة، فاغتنمتم قلة أنصاره وأعوانه، واستيصال أهل بيته، كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك أو كابل.
ولا شئ أعجب عندي من طلبك ودي ونصرتي، وقد قتلت بني ولد أبي وسيفك يقطر من دمي وأنت آخذ ثاري فإن يشأ الله لا يطلل لديك دمي ولا تسبقني بثاري، وإن تستبقني في الدنيا فقبل ذلك ما قتل النبيون وأبناء النبيين، فطلت دماؤهم في الدنيا والله الطالب بدمائهم، وكفى بالله للمظلومين ناصرا ومن الظالمين منتقما، فلا يعجبك إن ظفرت بنا فلنظفرن بك يوما ما.
وذكرت وفائي وما عرفني الله من حقك فلأنت تعلم إني بايعتك وإن