بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد... فقد جاءني كتابك، تذكر دعاء ابن الزبير إياي للذي دعاني إليه، وإني امتنعت عليه معرفة بحقك، فإن يكن ذلك كذلك فلست برك أغزو بذلك، ولكن الله بما أنوي به عليم، وكتبت إلى أن أحث الناس عليك، وأخذلهم عن ابن الزبير فلا سرورا ولا حبورا، بفيك الكثكث (1) ولك الأثلب (2) إنك لعازب (3) إن منتك نفسك، وإنك لأنت المنفور المثبور.
وكتبت إلي تذكر تعجيل بري وصلتي، فاحبس أيها الإنسان عني برك وصلتك فإني حابس عنك ودي ونصرتي ولعمري ما تعطينا مما في يديك لنا إلا القليل، وتحبس منه العريض الطويل.
لا أبا لك، أتراني أنسى قتلك حسينا وفتيان عبد المطلب مصابيح الدجا ونجوم الأعلام غادرتهم جنودك بأمرك فأصبحوا مصرعين في صعيد واحد، مزملين في الدماء، مسلوبين بالعراء، لا مكفنين ولا موسدين، تسفيهم الرياح وتغزوهم الذباب، وتنتابهم عرج الضباع حتى أتاح الله لهم قوما لم يشركوا في دمائهم فكفنوهم وأجنوهم، وبهم والله وبي من الله عليك، فجلست في مجلسك الذي أنت فيه.
ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسليطك عليهم الدعي ابن الدعي (4) للعاهرة الفاجرة البعيد رحما، اللئيم أبا وأما الذي اكتسب أبوك في ادعائه لنفسه العار والمأثم والخزي في الدنيا والآخرة، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وإن أباك زعم أن الولد لغير الفراش ولا يضر العاهر ويلحق به ولده كما يلحق ولد البغي المرشد، ولقد أمات أبوك السنة جهلا، وأحيى الأحداث المضلة عمدا.