وجمع الناس في الرحبة أيام خلافته بعد خمس وعشرين عاما تمر على واقعة الغدير، فأنشدهم الله أن يشهدوا بما سمعوه من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم، ولا يقوم للشهادة إلا من قد سمع النبي (صلى الله عليه وآله) ورآه (1).
ومنذ ذلك اليوم فقد هيأ الله تعالى رجالا لتدوين هذه الواقعة العظيمة في كتب ورسائل وموسوعات لا زالت صحائف التاريخ مشرقة بأنوارها.
فكان أول من بادر إلى هذه المهمة التابعي الكبير صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) سليم بن قيس الهلالي (ت 76 ه) في زمن منع تدوين الحديث.
وتوالت بعد ذلك الكتب في ثبت تلك الواقعة وبيان تفاصيلها، فقال ابن كثير: إني رأيت لمحمد بن جرير الطبري كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين (2).
وقال أبو المعالي الجويني: رأيت مجلدا في بغداد بيد صحاف فيه روايات خبر غدير خم مكتوبا عليه: المجلدة الثانية والعشرون من طرق قوله (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فعلي مولاه " (3).
ومن جملة الكتب التي ألفت في هذا الشأن وربما من أهمها ما ألفه الحافظ الكبير الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي المتوفى سنة 332 ه. فقد أخرج حديث الغدير من مائة وخمس