تمهيد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أرسل الأنبياء رحمة للعالمين، ونصب الأوصياء بعدهم حججا مجاهدين، من لدن آدم إلى يوم الدين، ليحيى من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.
وبعد، فقد بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) رسالة ربه، وأدى ما ائتمن عليه، ونصح لامته، فقبض وليس للناس على الله حجة وقد بين لهم ما فرض الله عليهم من الحلال والحرام، وما يقربهم ويبعدهم منه تعالى.
وقد تجلى ذلك التبليغ في غدير خم حيث أنزل تبارك وتعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس...) * (1) فنعى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم نفسه الكريمة في ذلك الموضع، وأشهدهم على ذلك التبليغ، وأمر أن يبلغ الشاهد منهم الغائب ليخرج عن مسؤوليتهم فيما لو رجعوا كفارا بعده.
فبلغ ما أنزل عليه من ولاية علي (عليه السلام) بعد إقرارهم له بأنه أولى بهم من أنفسهم، وبعد أن ذكرهم بطائفة من الأمور مما يجب عليهم الاعتقاد بها كالتوحيد والنبوة والموت والبعث والساعة والجنة والنار.
وهنأ المسلمون الإمام (عليه السلام) في ذلك اليوم إمرته، وباركوا له ولايته.
وقد اهتم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الحديث، وحرص على تركيزه في أذهان الناس، فلم يزل يذكرهم به ما سنحت له الفرصة كدليل على حقه في الخلافة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) فناشد أصحاب الشورى بالحديث،