كتاب الولاية - ابن عقدة الكوفي - الصفحة ٢٠٢
فقال علي (عليه السلام): أنشدكم بالله تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال: " أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله عز وجل وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "، فقالوا: نعم، اللهم قد شهدنا ذلك كله من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقام اثنا عشر رجلا من الجماعة فقالوا: نشهد أن رسول الله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال:
يا رسول الله لكل أهل بيتك؟ فقال: " لا، ولكن لأوصيائي منهم: علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، وهو أولهم وخيرهم، ثم وصيه بعده ابني هذا وأشار إلى الحسن ثم وصيه ابني هذا وأشار إلى الحسين، ثم وصيه ابني بعده سمي أخي، ثم وصيه بعده سميي، ثم سبعة من ولده واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله ".
فقام السبعون البدريون ونحوهم من المهاجرين فقالوا: ذكرتمونا ما كنا نسيناه، نشهد أنا قد كنا سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فانطلق أبو الدرداء وأبو هريرة فحدثا معاوية بكل ما قال علي (عليه السلام) وما استشهد عليه، وما رد عليه الناس وشهدوا به (1).

١ - الغيبة (للنعماني): الباب ٤ / ٨.
وأخرج الجويني في فرائد السمطين: ١ / ٣١٢ / ٢٥٠، قال: أنبأني السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي (رحمه الله)، قال: أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ الشرف فخار الموسوي (رحمه الله) إجازة بروايته عن شاذان بن جبرئيل القمي، عن جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي، قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: رأيت عليا (عليه السلام) في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في خلافة عثمان (رضي الله عنه) وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم والفقه، فذكروا قريشا وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الفضل مثل قوله: " الأئمة من قريش ". وقوله: " الناس تبع لقريش وقريش أئمة العرب ". وقوله: " لا تسبوا قريشا ". وقوله: " إن للقرشي قوة رجلين من غيرهم ". وقوله: " من أبغض قريشا أبغضه الله ".
وقوله: " من أراد هوان قريش أهانه الله ".
وذكروا الأنصار وفضلها وسوابقها ونصرتها وما أثنى الله عليهم في كتابه وما قال فيهم النبي (صلى الله عليه وسلم) ذكروا ما قال في سعد بن عبادة وغسيل الملائكة، فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حي: منا فلان وفلان... وفي الحلقة أكثر من مأتي رجل فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة والزبير والمقداد وأبو ذر، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين (عليهما السلام) وابن عباس، ومحمد بن أبي بكر، وعبد الله بن جعفر.
ومن الأنصار أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، ومحمد بن مسلمة، وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو ليلى ومعه ابنه عبد الرحمن....
فأكثر القوم وذلك من بكرة إلى حين الزوال، وعلي بن أبي طالب ساكت لا ينطق هو ولا أحد من أهل بيته.
فأقبل القوم عليه فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم؟ فقال: ما من الحيين إلا وقد ذكر فضلا وقال حقا، فأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار بمن أعطاكم الله هذا الفضل؟ أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أم بغيركم؟ قالوا: بل أعطانا الله ومن علينا بمحمد (صلى الله عليه وسلم) وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا. قال: صدقتم يا معشر قريش والأنصار....
ثم قال (عليه السلام): فأنشدكم الله أتعلمون حين نزلت: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * [النساء: ٥٩] وحيث نزلت: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * [المائدة: ٥٥] وحيث نزلت: * (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) * [التوبة: ١٦] قال الناس: يا رسول الله خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجهم. فنصبني للناس بغدير خم، ثم خطب وقال:
أيها الناس إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت أن الناس مكذبي، فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني، ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة، ثم خطب فقال: أيها الناس أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال: قم يا علي. فقمت فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
فقام سلمان فقال: يا رسول الله ولاء كماذا؟ فقال: " ولاء كولايتي، من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه ". فأنزل الله تعالى ذكره: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * [المائدة: ٣] فكبر النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " الله أكبر، تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي ".
فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هؤلاء الآيات خاصة في علي؟ قال: بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة. قالا: يا رسول الله بينهم لنا. قال: " علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي. ثم ابني الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض ".
فقالوا كلهم: اللهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء. وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا.
فقال علي (عليه السلام): صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ، أنشد الله عز وجل من حفظ ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما قام فأخبر به. فقام زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمار، فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: " يا أيها الناس إن الله عز وجل أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي وأمركم بولايته وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني.
يا أيها الناس، إن الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم، وبالزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة - ووضع يده على علي بن أبي طالب (عليه السلام) - ثم لابنيه بعده، ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي الحوض.
أيها الناس، قد بينت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب، وهو فيكم بمنزلتي فيكم، فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله من علمه وحكمته، فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم، فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلوه ولا يزايلهم " ثم جلسوا.
قال سليم: ثم قال علي (عليه السلام):....
(٢٠٢)
مفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (11)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو الدرداء (1)، الشهادة (1)، الجماعة (2)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبى عليهما السلام (1)، آية الإكمال (1)، عمر بن سعد لعنه الله (1)، عبد الله بن عباس (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، أبو أيوب الأنصاري (1)، يوم القيامة (1)، كتاب فرائد السمطين (1)، عبد الرحمن بن عوف (1)، أبو الهيثم بن التيهان (1)، عبد الله بن أبي أوفى (1)، علي بن أبي طالب (1)، عبد الحميد بن فخار (1)، جابر بن عبد الله (1)، شاذان بن جبرئيل (1)، علي بن بابويه (1)، البراء بن عازب (1)، سعد بن عبد الله (1)، محمد بن أبي بكر (1)، هاشم بن عتبة (1)، يعقوب بن يزيد (1)، عمر بن أذينة (1)، زيد بن ثابت (1)، أنس بن مالك (1)، سعد بن عبادة (2)، زيد بن أرقم (2)، أبي بن كعب (1)، سليم بن قيس (1)، محمد بن مسلمة (1)، جعفر بن محمد (1)، الجويني (1)، القرآن الكريم (4)، غدير خم (1)، الصيام، الصوم (1)، الزكاة (1)، الحج (1)، السجود (1)، المنع (1)، البغض (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 205 206 207 208 209 ... » »»