والهجرة قائمة على حدها الأول، ما كان لله في أهل الأرض حاجة من مستسر الأمة ومعلنها، لا يقع اسم الهجرة على أحد، الا بمعرفة الحجة في الأرض، فمن عرفها، وأقر بها، فهو مهاجر، ولا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجة، فسمعتها اذنه، ووعاها قلبه، إن أمرنا صعب مستصعب، لا يحمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، ولا يعي حديثنا إلا صدور أمينة، وأحلام رزينة، أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فلانا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض ، قبل ان تشغر برجلها فتنة، تطأ في خطامها، وتذهب بأحلام قومها) انتهت من النهج.
وقال ابن أبي الحديد رحمه الله في شرحه على النهج: روي أنه صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قتلى أحد، وقال: (أنا شهيد على هؤلاء) فقال له أبو بكر: ألسنا إخوانهم أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ قال: (بلى ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئا، ولا أدري ما تحدثون بعدي).
وفيه روي في كتاب من أمير المؤمنين إلى معاوية، وفيه: (واعلم أن هذا الامر لو كان إلى الناس، أو بأيديهم، لحسدوناه، ولا امتنوا علينا به، ولكنه قضاء مما منحناه، واختصنا به على لسان نبيه، الصادق المصدق، لا أفلح من شك بعد العرفان والبينة).
وقال في شرح وصية الصدقة، حيث خص الوصية بأولاد فاطمة، قربة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ما لفظه: وفي هذا رمز وأزراء بمن صرف الامر عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع وجود من يصلح للامر، أي كان الأليق بالمسلمين والأولى أن يجعلوا الرياسة بعده لأهله، قربة