وقد كان الحكم هذا مهيئا قبل المحاكمة، ثم أخرجوه من المديرية بعد المحاكمة ولم تمض بضع دقائق حتى رؤي جثمانه الطاهر مشنوقا وأعداؤه حوله يصفقون ويظهرون المسرة والابتهاج، فلقى ربه بحياة مشرقة وجهاد متواصل، ومضى شهيدا بيد الظلم والعدوان في سبيل الحمية والدين، وقد رثاه غير واحد من العلماء والشعراء، نكتفي بأبيات من قصائد الأديب الأريب والحكيم البارع السيد أحمد الرضوي البيشاوري نزيل طهران (ت 1349 ه) بقوله:
لا زال من فضل الإله وجوده * جود يفيض على ثراك همولا (1) روى عظامك وابل من سيبه * يعتاد لحدك بكرة وأصيلا تلكم عظام كدن أن يأخذن من * جو إلى عرش الإله سبيلا همت عظامك أن تشايع روحها * يوم الزماع (2) إلى الجنان رحيلا فتصعدت معه قليلا ثم ما * وجدت لسنة ربها تبديلا فالروح ترقى والعظام تنزلت * كالآية اليوحى بها تنزيلا آمنت إذ حادوا برب محمد * وصبرت في ذات الإله جميلا خنقوك لا حنقا عليك وإنما * خنقوك كي ما يخنقوا التهليلا (3) ولعمر الحق إن القصيدة هي القصيدة الفريدة في باب الرثاء في علو المضمون، وبداعة المعاني، ورصانة الأسلوب، ولو افتخر أبو الحسن التهامي عند رثاء ولده بقصيدته المعروفة التي تنوف على سبعين بيتا وكلها حكم وأمثال، فليفتخر شاعرنا المبجل الأديب البيشاوري بهذه القصيدة الزاهرة.