مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٥٥
فصل في بيان معنى آخر يطلق عليه لفظ المجاز على سبيل الاشتراك أو التشابه (وقد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم إعرابها) أي حكمها الذي هو الاعراب على أن الإضافة للبيان أي تغير إعرابها من نوع إلى نوع آخر (بحذف لفظ أو زيادة لفظ) فالأول (كقوله تعالى وجاء ربك، وقوله تعالى واسأل القرية و) الثاني مثل (قوله تعالى ليس كمثله شئ أي) جاء (أمر ربك) لاستحالة المجئ على الله تعالى (و) اسئل (أهل القرية) للقطع.
بان المقصود ههنا سؤال أهل القرية وان جعلت القرية مجازا عن أهلها لم يكن من هذا القبيل (وليس مثله شئ) لان المقصود نفى ان يكون شئ مثل الله تعالى لا نفى ان يكون شئ مثل مثله فالحكم الأصلي لربك والقرية هو الجر.
وقد تغير في الأول إلى الرفع وفى الثاني إلى النصب بسبب حذف المضاف والحكم الأصلي في مثله هو النصب لأنه خبر ليس وقد تغير إلى الجر بسبب زيادة الكاف فكما وصفت الكلمة بالمجاز باعتبار نقلها عن معناها الأصلي كذلك وصفت به باعتبار نقلها عن إعرابها الأصلي.
وظاهر عبارة المفتاح ان الموصوف بهذا النوع من المجاز هو نفس الاعراب.
وما ذكره المصنف أقرب، والقول بزيادة الكاف في نحو قوله تعالى ليس كمثله شئ اخذ بالظاهر ويحتمل ان لا تكون زائدة بل تكون نفيا للمثل بطريق الكناية التي هي أبلغ لان الله تعالى موجود فإذا نفى مثل مثله لزم نفى مثله ضرورة انه لو كان له مثل لكان هو أعني الله تعالى مثل مثله فلم يصح نفى مثل مثله كما تقول ليس لأخي زيد أخ أي ليس لزيد أخ نفيا للملزوم بنفي لازمه والله أعلم.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 257 258 259 260 261 ... » »»