مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٨
العقد لارتفاع المانع وإن أبقاه فلا يؤثر للمزاحمة وليس معنى رده إلا عدم الرضا بسقوط حقه وأما خروج العقد عن أهلية الأثر فلا وعلى هذا فلو أجاز بعد ذلك يصح لبقاء الأهلية وارتفاع المانع وكذا لو أنفك الرهن على ما سنقول من أن العقد يلزم من أن العقد يلزم بالفك ومن أنه لأجل تعلق حقه بالرهن خرج عن كونه أجنبيا بل هو بمنزلة الملاك لأن الحق أيضا مرتبة ضعيفة من الملك فله مدخلية في ربط العقد وحله لاقتضاء العقد تصرفا في متعلق حقه الذي هو بمنزلة الملك ولعل هذا هو الأقوى ويؤيده ظهور كلمات الأصحاب على ما نسب إليهم بل صريح المحكى عن بعض أساطينهم في أن للمرتهن أجارة العقد وله فسخه وفي الجواهر أن الشارع قد جعل له هذه السلطنة بارتهانه لا أن المنع من التصرف فيه شرعي بحت بحيث لا مدخلية للمرتهن في ذلك وإنما له أسقاط حقه من الرهانة خاصة وإلا لاقتضى ذلك عدم فسخ العقد له ضرورة عدم السلطنة له على ذلك وإن الشارع قد جعل الارتهان مانعا عن نفوذ التصرف فمتى أرتفع هذا المانع بإسقاط من المرتهن أو بفك للرهن كما ستعرف أثر المقتضى أثره وليس ذا من التعليق الممنوع بل هو من قبيل اعتبار الشارع التقابض في تأثير عقد التصرف والقبض في عقد الهبة والقبض في المجلس في عقد السلام مع أن كلامهم صريح في خلافه وإن له الرد كما أن له الإجازة ويرشد إليه في الجملة اعتبار أذنه في الانتفاع بالرهن على وجه لا تنتقل عينه كركوب الدابة وسكنى الدار ونحوهما مما لا يقتضى الاذن فيه أبطال الرهانة مع أنها معتبرة ولا يجوز التصرف بدونها وهو يومى إلى أن له سلطنة على ذلك لا أنها مخصوصة بإسقاط حق الرهانة وإلا فالمنع شرعي وإن كان لا يخلو عن وجه انتهى كلامه رفع مقامه ولو أنفك الرهن بأداء أو اسقاط أو إبراء فالظاهر نفوذ العقد السابق ولزومه لوجود المقتضى وهو العقد وارتفاع المانع وهو حق المرتهن ولا ينافي هذا ما ذكرنا من مدخلية أذن المرتهن في العقد وأنه ممن له ارتباط بالعقد لأن ارتباطه بالعقد حال استحقاقه لا ينافي أضافة العقد إلى الراهن حال زوال الحق بل حين وجوده فالعقد كان عقدا للمالك وإنما منع عن وجوب الوفاء به مدخلية المرتهن واعتبار رضاه وبذهاب حقه أرتفع التوقف ولا يقاس هذا بمن باع شيئا ثم ملكه حيث قوينا فيه البطلان من حيث عدم اندراجه تحت عموم وجوب الوفاء بالعقود المتوجه أمره إلى الملاك لعدم اندراجه تحت الموضوع حال العقد وعدم صلاحية مجرد التملك لإضافة العقد إليه وإن شئت مزيد توضيح لذلك فراجع إلى ما حققناه في مبحث الفضولي وليس المقصود من إيراده إلا التعريض لبيان أن ما ذكرناه وجها للمنع فيه لا يصلح مانعا للمقام ضرورة كون العقد واقعا من أهله في محله جامعا الشرائط التأثير من رضا المالك وغيره عدى رضا من له حق متعلق بالمبيع واعتبار رضاه الناشئ عن حقه لا يتقضى اعتباره من زمان ثبوت الحق واحتمال اعتبار مدخلية رضاه بوصف كونه مرتهنا في تأثير هذا العقد الممتنع وجوده ذهاب الرهانة تعبدا ينفيه عموم الامر بالوفاء بعد إحراز الصدق في المورد مع أنه في حد ذاته واضح الفساد كيف ولم يلتزم بالفساد في بيع من ملك شيئا بعد بيعه لأجل هذا الاحتمال مع أنه أقوى بل قلنا أن دليل الوجوب لا يعمه فلاحظ بل قد يقال إن الراهن كان مكلفا بوجوب الوفاء بعد العقد من أول صدوره بما أمكنه من الوفاء كما في طرف الأصيل في الفضولي والقدر الممكن حال كونه مرهونا هو إبقاء العهد وعدم رفع اليد عن مقتضاه بفسخه والالتزام بإيصاله عند تمكنه من التسليم وزوال المانع وعلى هذا فلا يبعد وجوب السعي عليه للفك أو الاستيذان من المرتهن مقدمة للتسليم فتأمل وكيف كان فالمسألة مما لا إشكال فيه وهل الفك كاشف عن سبق الملك أو ناقل من حينه فيه وجهان أما الكشف الحقيقي فهو ممتنع كما في إجازة الفضولي إلا بجعل الوصف الانتزاعي شرطا كما تقدمت الإشارة إليه وأما الكشف الحكمي الذي هو المختار في الفضولي فإن بنينا قلنا أنه على وفق القواعد كما نفينا عنه البعد في محله فيجرى الكلام مثله في المقام وإن قلنا أنه خلاف القاعدة ولكنه يثبت في الفضولي بالتعبد فيشكل الحكم به في المقام بل المتعين الالتزام بالنقل والله العالم ولا يخفى عليك من أن ما حققناه من نفوذ تصرفات الراهن بعد إجازة المرتهن إنما يقتضي النفوذ فيما لا يتوقف صحته على أمر آخر زائد على رضا المرتهن وأما فيما يتوقف على شرط آخر فلا ولذا قال المصنف وفي صحة العتق أي من الراهن مع الإجازة أي إجازة المرتهن عقيبه تردد ناش عن أن العتق من الايقاعات فيحتمل أن لا يقع إلا منجزا من دون توقفه في التأثير على أمر مستقبل كالطلاق فلا يقع موقوفا و لاعتبار نية القربة فيه ولا تحصل مع الترديد ومن عدم صلاحية شئ مما ذكر للمانعية وهذا هو الأقوى ولذا قال المصنف (ره) والوجه الجواز بيانه أنه إن أريد من التنجيز المعتبر فيه ما يعتبر في العقود أيضا فلا إشكال في تحققه في المقام إذ المنافي له الشرائط الجعلية المذكورة في متن العقد وأما الشرائط الشرعية الواقعية المقررة للتأثير بحسب أصل العقد فلا ومنها عدم المانع ولذا قلنا بصحة البيع مع أن التنجيز فيه معتبر أيضا كما تقدم في محله وإن أريد منه عدم وقوعه إلا مؤثرا في الخارج من دون توقفه في التأثير على أمر غير محقق حال إيجاد الصيغة كالطلاق ففيه أن اعتبار هذا الشرط في موارده إنما هو لأجل الاجماع المنتفى في المقام بل عن أكثر المتأخرين القول بالصحة وأما اعتبار قصد القربة فلا ينافي تحققها عدم الجزم كما ذكرنا في صحة عبادة المحتاط بل مجرد الاحتمال يكفي في تحققها على تقدير السلامة مع أنه ربما يطمئن حال النية بالإجازة أو الفك هذا كله في الاحكام المتعلقة بالراهن وكذا المرتهن لا يجوز له التصرف في الراهن باستخدام ولا سكنى ولا أجارة ولا غيرها من أنحاء التصرفات لكونها تصرفا في ملك الغير المعلوم بالعقل والنقل حرمتها وعدم نفوذها إلا بإذن المالك نعم لو تصرف فيه ببيع أو صلح أو أجارة أو غيرها من أنحاء التصرف وأجازه المالك مضى وصح على ما هو المختار في الفضولي لأنه من مصاديقه هذا إذا لم يتوقف صحتها على أمر آخر سوى طيب نفس المالك كما تقدم في المسألة السابقة وبذلك ظهر لك أن في عتقه مع إجازة الراهن تردد وسواء كان العتق عن المالك أو عن نفسه ومنشأ التردد على الأول ما عرفت في المسألة السابقة من عدم وقوع العتق موقوفا واعتبار نية القربة فيه الممتنع تحققها من المرتهن الذي يتصرف في ملك الغير من دون إذنه مع أنه لو قلنا بإمكان قصد التقرب للمرتهن بفعله لعدم كون مثل هذا التصرف الذي يتوقع فيه إجازة المالك محرما بعد تسليم صدق التصرف عليه فلا مانع عن قصد التقرب بعد كون الفعل راجحا في حد ذاته ففيه أن المعتبر في الصحة إنما هو التقرب بإطاعة الامر بالعتق الذي لا يمكن توجهه إلا إلى المعتق الأوامر
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»