شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٤٣١
ثم نقل إلى باب فعل بالضم للمدح للالحاق بنعم، ولنا نقل ضمة العين إلى الفاء، ولنا حذفها لأجل الادغام في الصورتين، وقد روى بالوجهين فصارت كنعم فعلا جامدا، ولهذا لم تدخل قد مع اللام عليها كما لم تدخل قد على نعم، و " المؤقدان " فاعل حب، و " مؤسى وجعدة " هو المخصوص بالمدح، و " إلى " بمعنى عندي، و " إذ " ظرف متعلق بحب، و " أضاءهما " بمعنى أنارهما وأظهرهما، ويأتي أضاء لازما، يقال: أضاء الشئ بمعنى أشرق، والاسم الضياء، و " الوقود " بالضم مصدر وقدت النار: أي اشتعلت، والوقود - بالفتح - الحطب الذي يوقد، وقد روى هنا بالوجهين، وأريد به هنا وقود نار القرى كما هو عادة العرب، يوقد الكريم منهم نارا على موع عال ليهتدى بها إليه الغريب والمسافر فيأتي إلى قراه، قال خضر الموصلي: " مدح ابنيه بالكرم والاشتهار به فكنى عن الأول بإيقاد نار القرى، وعن الثاني بإضاءة الوقود إياهما، والمعنى ما أحبهما إلى وقت إضاءة وقودهما، واستعمال الاضاءة شديد الطباق في هذا المقام لترددها بين الحقيقة والمجاز " انتهى.
وقال العصام: " عنى بالإضاءة بالوقود الاشتهار، وصف ابنيه ونفسه بالكرم، حيث جعل محبته لهما من حين اشتهارهما بالكرم، وفى ذلك كمال وصفه بالكرم حتى غلبت محبته الطبيعية لهما المحبة للاشتهار بالكرم، والتحقت في مقابلة المحبة للاشتهار بالعدم إلى أن جعل محبته لهما من وقت الاشتهار " هذا كلامه وقال السيوطي في شرح أبيات المغني: " مؤسى وجعدة عطفا بيان للمؤقدان، كانا يوقدان نار القرى، وإذ أضاءهما: بدل اشتمال منهما " انتهى.
وتبعه ابن المنلا في شرح المغني، وخضر الموصلي في شرح أبيات التفسيرين، وهذا غير جيد، فان حب هنا بمنزلة نعم تطلب فاعلا ومخصوصا بالمدح، وهو إما
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»