فلو لم تكن بزنتها محققة لانكسر البيت " انتهى وقال الأعلم: " استشهد به على تخفيف الهمزة الثانية من قوله: أان، وجعلها بين بين، والاستدلال بها على أن همزة بين بين في حكم المتحركة، ولولا ذلك لانكسر البيت، لان بعد الهمزة نونا ساكنة، فلو كانت الهمزة المخففة في الحكم ساكنة لألتقي ساكنان، وذلك لا يكون في الشعر إلا في القوافي " انتهى والبيت من قصيدة الأعشى المشهورة التي أولها:
ودع هريرة، إن الركب مرتحل * وهل تطيق وداعا أيها الرجل وهي ملحقة بالقصائد المعلقات، وقد شرحنا غالبها في مواضع متعددة من شواهد شرح الكافية، وقبله:
صدت هريرة عنا ما تكلمنا * جهلا بأم خليد، حبل من تصل؟
وبعده:
قالت هريرة لما جئت زائرها * ويلي عليك وويلى منك يا رجل وقوله " صدت هريرة الخ " روى أبو عبيدة: صدت خليدة، وقال: هي هريرة، وهي أم خليد، وخليد: مصغر خالد تصغير الترخيم، وصدت: أعرضت وقوله " جهلا بأم خليد " علة للنفي، والباء للملابسة، وأعاد اسمها للتلذذ به، وحسنه ذكره بغير لفظه الأول و " حبل " مفعول تصل، وقدم وجوبا لاضافته إلى ماله الصدارة، وهو من، فإنها للاستفهام التعجبى، يريد: حبل أي رجل تصل إذا لم تصلنا؟ كذا قال الخطيب التبريزي وغيره، وعليه تبقى الجملة غير مرتبطة بما قبلها، والجيد أن تكون من موصولة " وحبل " مفعول لقوله " جهلا " والحبل هنا مستعار للعلقة. والوصل: ضد القطع، وقوله " أن رأت رجلا إلخ " الهمزة الأولى للاستفهام. و " أن " بالفتح هي أن المصدرية. وهي مع مدخولها مجرورة بلام العلة، أو من التعليلية، والتقدير أصدت لأجل أن رأت رجلا هذه صفته.
و " رأت " أبصرت، و " رجلا " مفعوله، و " أعشى " صفته. والأعشى الذي