شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ١٩٦
عن قوم من أهل القرآن أنهم أبو أي امتنعوا من الروم والاشمام في هاء الضمير بشرط أن يكون قبلها ضمة أو كسرة أو واو أو ياء ساكنة، وذلك نحو (يعلمه) و (بمزحزه) و (عقلوه) و (لأبيه) فكل هذه الأمثلة الأربعة وما أشبهها لا يدخل فيها روم ولا إشمام.
وقوله " وفى الهاء " الظاهر أنه متعلق بمقدر: أي أعنى في الهاء، ولا يجوز تعلقه بقوله " أبوهما " لان القاعدة تمنع من تقديم المعمول حيث لا يتقدم العامل عندهم، و " أبوهما " لا يجوز تقديمه على " قوم " لأنه صفة له أو خبر، وعلى كلا التقديرين تقديمه ممتنع، لان الصفة لا تتقدم على موصوفها والخبر الفعلي لا يتقدم على مبتدئه (1) وقوله " للاضمار " حال من الهاء أي كائنة للاضمار، وقوله " قوم " مبتدأ، وفى خبره قولان: أحدهما أنه محذوف تقديره ومن القراء قوم، " وأبوهما " على هذا في موضع النعت للمبتدأ، والثاني أنه قوله " أبوهما " وحينئذ يقال: ما المسوغ للابتداء بقوم، وهو نكرة؟ والجواب أن المسوغ له العطف، وهو معدود من المسوغات، والاباء: الامتناع، وقوله " ومن قبله ضم " مبتدأ مؤخر قدم خبره عليه، والهاء في " قبله " فيها وجهان ذكرهما أبو شامة: أحدهما أنه تعود على الاضمار، وهذا وإن كان مساعدا له من حيث اللفظ إلا أنه غير ظاهر من حيث المعنى إذ الاضمار معنى من المعاني، فلا يتحقق أن يكون قبله ضم، والثاني أنها تعود على الهاء، وهذا واضح:
أي ومن قبل الهاء ضم، قال أبو شامة: ولو قال قبلها لجاز على هذا، وكان أحسن

(1) هذا الذي ذكره من أن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ ليس على إطلاقه بل هو مخصوص بما إذا كان الفعل مسندا إلى ضمير الواحد نحو قولك " محمد حضر " فأما إذا كان الفعل مسندا إلى ضمير الاثنين نحو " المحمدان حضرا " أو إلى ضمير الجمع نحو " المحمدون حضروا " فإنه يجوز التقديم فتقول: حضرا المحمدان، وحضروا المحمدون.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»