وأما المكان فهو بغداد عاصمة الخلافة العباسية وأما المجلس فقد ضم وجهاء العلويين، ووجهاء أهل السنة وقد كان موقف الوزير نظام: الملك موقف، المنظم للحوار والحكم العادل بين المتحاورين والوزير نظام الملك من أعظم شخصيات القرن الخامس الهجري، وهو غني عن الإشارة والتعريف ويكفيه من المفاخر والمآثر أنه أول من وضع فكرة (المدرسة) ونواة (الجامعة) في تاريخ الثقافات الإسلامية وهو المؤسس للمدرسة النظامية في بغداد وقد حباه الله بعقيدة وسط، جمع فيها بين منهج الأتباع الذي يدين به أهل السنة، ومنهج حرية النقد الذي يدين به الشيعة.
وعلى الرغم من هذه المنزلة التي حباه الله بها، فإنه لم يأمن شرور الحاقدين عليه حيث لقى مصرعه - ظلما وعدوانا - في عام 485 ه كما نص على ذلك ابن خلكان.
وقيمة هذا الكتيب الضئيل في حجمه لا تتجلى في تصوير هذا الصراع العقدي الذي أشرنا إليه بل ترتكز حول شخصية هذا الوزير الجليل، وحول أمانته العلمية في الفصل بين المتجاورين، وفي إدارة دفة الحوار في حرية تامة وموضوعية نزيهة بغية توضيح العقيدة عند الطرفين المتنازعين، مع تدعيم كل رأي منهما بالمصادر والمراجع.
ونحن في هذا المقام لا يعنينا انتصار أحدهما الآخر، بقدر ما يعنينا من إبراز مكانة الإمام علي رضي الله عنه ومقامه المتفق عليه في علوم الإسلام وإنه كان من أصحاب الرسول بمنزلة الروح من الجسد