في عصرها، بل في العصور التي سبقتها، والتي تلتها، فقد زخرت بالعلماء الأعلام في جميع العلوم والفنون من أصحاب وتلامذة أبيه (عليه السلام) أو رواة حديثه، بالإضافة إلى استقبال جمع كبير من أفذاذ العلماء الذين ضربوا آباط الإبل قاصدين إليه وساعين للتلمذة عليه والانتهال من نمير علمه.
وقد قام هؤلاء الأعلام وبتوجيه منه (عليه السلام) بدور كبير بناء في تدوين الحديث الذي كان مندرسا منذ الصدر الأول للإسلام.
ولم تقتصر مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) على تدوين الحديث والعلوم الخاصة به كالفقه والأصول فحسب، بل عم العلوم الإنسانية والفلسفة والمنطق وعلم الكلام والطب والكيمياء والفلك والأخلاق وغيره.
أما تفسيره للقرآن الكريم، والغور في أعماقه، وبيان عامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه، وظاهره وباطنه، وناسخه ومنسوخه، فقد سبق الأولين وتوسع في بحثه توسعا جعل المفسرين كافة عيالا عليه، منه أخذوا وبه اقتدوا، وكانت أقواله واضحة مشهودة، لا سيما في تفسيره العرفاني الذي سبق أن أفردنا له فصلا كاملا في المجلد التاسع من هذه الموسوعة.
ومن أبرز صفاته في الأخلاق، تجرده عن كل نزعة مادية أو ذاتية، وكان سلوكه يجسد الإسلام بكل أبعاده، وسيرته تحاكي سيرة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) بكل مكوناتها وذاتياتها.
ومن نعم الله علي أن وفقني وهداني إلى تأليف هذه الموسوعة الميمونة المباركة، حتى دخلت مع قرائي الأعزاء في تأليف المجلد العاشر من " موسوعة المصطفى والعترة "، وهذا هو القسم الثاني من سيرة حياة سيدنا وإمامنا الصادق (عليه السلام).