صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٧٠
ورأى كثير من الناس، ان الشمم الهاشمي الذي اعتاد ان يكون دائما في الشواهق، كان أليق بموقف الحسين عليه السلام، منه بموقف الحسن عليه السلام.
وهذه هي النظرة البدائية التي تفقد العمق ولا تستوعب الدقة.
فما كان الحسن في سائر مواقفه، الا الهاشمي الشامخ المجد، الذي واكب في مجادته مثل أبيه وأخيه معا، فإذا هم جميعا أمثولة المصلحين المبدئيين في التاريخ. ولكل - بعد ذلك - جهاده، ورسالته، ومواقفه التي يستمليها من صميم ظروفه القائمة بين يديه، وكلها الصور البكر في الجهاد، وفي المجد، وفي الانتصار للحق المهتضم المغصوب.
* * * وكان احتساء الموت - قتلا - في ظرف الحسين، والاحتفاظ بالحياة - صلحا - في ظرف الحسن، بما مهدا به - عن طريق هاتين الوسيلتين - لضمان حياة المبدأ، وللبرهنة على إدانة الخصوم، هو الحل المنطقي الذي لا معدي عنه، لمشاكل كل من الظرفين، وهو الوسيلة الفضلى إلى الله تعالى، وان لم يكن الوسيلة إلى الدنيا. وهو الظفر الحقيقي المتدرج مع التاريخ وان كان فيه الحرمان حالا، وخسارة السلطان ظاهرا.
وكانت التضحيتان: تضحية الحسين بالنفس، وتضحية الحسن بالسلطان، هما قصارى ما يسمو اليه الزعماء المبدئيون في مواقفهم الانسانية المجاهدة.
وكانت عوامل الزمن التي صاحبت كلا من الحسن والحسين في زعامته، هي التي خلقت لكل منهما ظرفا من أصدقائه، وظرفا من أعدائه،
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 370 371 373 374 » »»