حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٠
وسارع المأمون قائلا:
" فهل علمتم أحدا أسبق من علي إلى الاسلام؟... ".
وارتفعت أصواتهم قائلين:
" انه - اي على - سبق حدثا لم يجر عليه حكم، وأبو بكر أسلم كهلا قد جرى عليه الحكم - أي التكليف - وبين هاتين الحالتين فرق... ".
وأجاب المأمون قائلا:
" خبروني عن اسلام علي بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص)؟ فإن قلتم: بالهام فقد فضلتموه على النبي (ص) لان النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعيا، ومعرفا.
وان قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى، فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيه في قوله: (وما أنا من المتكلفين) (1) وفي قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (2) وان كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيه (ص) بدعاء علي من بين صبيان الناس وايثاره عليهم، فدعاه ثقة به، وعلما بتأييد الله تعالى.
وخلة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه ما لا يطيقون، فإن قلتم: نعم فقد كفرتم، وإن قلتم: لا، فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنه، وضعفه عن القبول.
وعلة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة مع علي، فإن زعمتم أنه لم يدع أحدا غيره، فهذه فضيلة لعلى على جميع صبيان الناس ".
والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم:
" أي الأعمال بعد السبق إلى الايمان؟... ".
فقالوا جميعا:
" الجهاد في سبيل الله... ".
وانبرى المأمون يقيم عليهم الحجة في تقديم الامام على غيره بالفضل قائلا:

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.
(2) سورة ص: آية 3 - 4.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست